پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص312

الثانية : رددتك أو ارتددتك فصريح بالكتاب ، قال الله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ) [ البقرة : 228 ] وأما راجعتك فصريح بالسنة ، قال النبي ( ص ) لعمر : ( مره فليراجعها ) .

ثم العرف الجاري به ، فلم يختلف أصحابنا في قوله : ( راجعتك ) أنه صريح ، وأما رددتك فقد نص الشافعي في كتاب ( الأم ) على أنه صريح ولم يذكره في القديم والإملاء ، فوهم الربيع فخرج منه قولاً آخر أنه كناية لا تصح به الرجعة ، لأخلال الشافعي بذكره في القديم والإملاء ، وقد أنكر تحريمه جمهور أصحابنا ، فأما قوله : قد أمسكتك فقد اختلف أصحابنا ، هل يكون صريحاً تصح به الرجعة أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : هو قول أبي سعيد الإصطخري ، أنه صريح فيها كقول الله تعالى : ( فأمسكوهن بمعروف ) .

والوجه الثاني : أنها كناية لا تصح بها الرجعة والفرق بين أمسكتك حيث لم يكن صريحاً وبين راجعتك ورددتك حيث كان صريحاً أن المطلقة مرسلة مخلاة ، والعرب تقول : لما خرج عن اليد إذا أعيد إليها ، قد ارتجعته فرددته ، ولا تقول أمسكته إلا لما كان في اليد لم يخرج عنها ، فلذلك ما افترقا في حكم الرجعة .

فإما إذا راجع بلفظ النكاح والتزويج مثل : قد تزوجتها أو نكحتها ، ففيه وجهان :

أحدهما : تصح به الرجعة ؛ لأن ما صح به أغلظ العقدين كان أخفهما له أصح .

والوجه الثاني : وهو اصح أنه لا تصح به الرجعة ؛ لأن صريح كل عقد إذا نقل إلى غيره ، صار كناية فيه كصريح البيع في النكاح ، وصريح الطلاق في العتق ، والرجعة لا تصح بالكناية ، وليس إذا انعقد الأقوى بلفظ كان صريحاً فيه وجب أن ينعقد بالأضعف ، ألا ترى أن ما انعقد به النكاح الذي هو أقوى لم يقع به الطلاق الذي هو أضعف .

فصل :

: فإذا تقرر ما وصفنا فإن صريح الرجعة لفظتان : راجعتك أو رددتك .

فالأولى أن يصل ذلك بأحد أمرين : إما أن يقول راجعتك إلى النكاح ، أو يقول راجعتك من الطلاق هذا إن كانت حاضرة ، وإن كانت غائبة ذكر اسمها فقال : راجعت امرأتي فلانة أو زوجتي فلانة ؛ لأن الرجعية زوجة ، وإن كانت محرمة ، فإن قال : راجعتك أو رددتك ولم يقل إلى النكاح أو من الطلاق صح وتمت الرجعة ؛ لأن الرجعة لا تكون إلا من طلاق وإلى نكاح ، وإن لم يذكر اسمها مع الغيبية ، وقال : راجعتها صحت الرجعة إن قيل : إن الشهادة فيها ندب ولم تصح إن قيل : إن الشهادة واجبة .