الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص311
أحدهما : قوله ( فأمسكوهن بمعروف ) فدل على أن إباحة الامتلاك يكون بعد الإمساك .
والثاني : أمره بالاشهاد في الرجعة ، إما واجب على القديم ، أو ندباً على الجديد فدل على أنها على وجه تصح فيه الشهادة ، والوطء مما لم تجز بالاشهاد عليه عادة ، وقول النبي ( ص ) : ( فليراجعها ثم ليمسكها ) فدل على وجوب الرجعة قبل إمساكها ، وإلا يكون إمساكها رجعة ولأنه رفع الحكم طلاقه فلم يتم إلا بالقول مع القدرة عليه كالبائن ، ولأنها حادثة في فرقة فلا يصح إمساكها بالوطء كالزوجين الحرين إذا أسلم أحدهما ولأنه فعل مع القدرة على القول فلم تصح به الرجعة كالقبلة لغير شهوة ، ولأن ما كمل به المهر لم تصح به الرجعة ، كالخلوة .
ولأن العدة تجب عن الوطء فاستحال أن تنقطع العدة بالوطء ، لأن ما يوجب الشيء لا يقطعه ألا ترى أن الوطء يستباح بالعقد فاستحال أن يقطع العقد .
فأما الجواب عن الآية فهو أن الرد على ضربين : مشاهد ، وحكم فرد المشاهدة لا يكون إلا بالفعل كالوديعة ، ورد حكم فلا يكون إلا بالقول كقوله : رددت فلاناً إلى حزبي أو إلى مودتي ، ورد الرجعة حكم فلم يكن إلا بالقول .
وأما الجواب عن قياسهم على مدة الإيلاء والعنة ، فهو أن المدة غير مضروبة في الإيلاء ، والعنة للفرقة ، وإنما هي مضروبة لاستحقاق المطالبة ، والمدة في الطلاق الرجعي غير مضروبة للفرقة لوقوع الفرقة بالطلاق دون المدة فلم يسلم وصف العلة في اصله وفرعها ، ثم مدة الإيلاء والعنة المعتبر فيها أنها لا ترتفع بالقول فلذلك ارتفعت بالوطء ، وهذه لما ارتفعت بالقول لم ترتفع بالوطء وأما الجواب عن قياسهم على مدة الخيار فالمعنى فيها أنها استباحة ملك واستعادة ملك ، فجاز أن يكون بالقول والفعل ، وليس كذلك الرجعة .
وأما الجواب عن استدلالهم بتأثير الوطء في المطلقة ثلاثاً ، فهو أن ذلك الوطء إنما هو تمليك لا يوجب استيفاء نكاح ولا تجديده فلم يجز أن يصير في الرجعة موجباً استيفاء نكاح كما لم يوجب تجديده .
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأن الرجعة إذا لم تكن إلا بالكلام اختصت بالتصريح دون الكناية ، وللتصريح في الرجعة لفظتان :
إحداهما : راجعتك أو ارتجعتك .