پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص309

والكلام في الرجعة بالوطء يأتي وهو مقصور في هذا الموضع على التحريم ، واستدل بقول الله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أن أرادوا إصلاحاً ) [ البقرة : 228 ] فسماه بعلاً دلالة على بقاء الزوجية بينهما وإباحة الاستمتاع ، والتبعل . قال : ولأنه طلاق لا يقع به البينونة ، فوجب ألا يقع به التحريم كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق .

قال : وهذا القول أغلظ ؛ لأنه ليس له إبطاله ، وله إبطال الطلاق الرجعي .

قال : ولأنها مدة مضروبة للترخص لا تمنع من اللعان فوجب ألا تقتضي التحريم كمدة اللعنة والإيلاء .

قال : ولأنه لفظ يتضمن إسقاط حقه ، فإذا لم يزل به الملك لم يقع به التحريم كالبيع بشرط الخيار ، ولأن الطلاق الرجعي لو اقتضى التحريم في العدة لم يصح أن يراجع إلا بعقد مراضاة كالمتقضية العدة ، ولأنها لو حرمت عليه بالطلاق الرجعي لم يوطئها ، ولما توارثاً بالموت ولما وقع عليها طلاقه ، ولما صح منها ظهاره كالمبتوتة وفي ثبوت ذلك كله دليل على جواز استباحتها كالزوجة ودليلنا قوله تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) : [ الطلاق : 2 ] فدل على خروجها بالطلاق حتى يردها بالرجعة ، ثم قال : ( إذا أرادوا إصلاحاً ) [ البقرة : 228 ] .

قال الشافعي : إصلاح الطلاق بالرجعة ، فدل على ثبوت الفساد قبل الرجعة وليس في تسميته بعلاً دليل على رفع التحريم كالمحرمة والحائض ، وقول النبي ( ص ) لعمر ( مره فليراجعها ثم ليمسكها ) فدل على أنه قبل الرجعة لا يجوز أن يمسكها ولذلك كان ابن عمر لا يمر على مسكنها قبل الرجعة حتى راجع ، ولأنها معتبرة فوجب أن تكون محرمة كالبائن .

ولأنه طلاق يمنع من السفر بها ، فوجب أن يمنع من الاستمتاع بها كالمختلعة .

ولأن كل معنى أوقع الفرقة أوقع التحريم كالفسخ .

ولأن حكم الطلاق مضاد لحكم النكاح فلما كان كل نكاح إذا صح أوجب الإباحة وجب أن يكون كل طلاق إذا وقع أوجب التحريم .

فأما الآية فقد جعلناها دليلا .

وأما الجواب عن قياسه على قوله إن دخلت الدار فأنت طالق فهو أن الطلاق لم يقع عليها فلم تحرم عليه ، ألا تراه لو طلقها بدخول الدار ثلاثاً لم تحرم عليه قبل دخولها ؛ لعدم وقوعها وهذه قد وقع الطلاق عليها فثبت تحريمها كالبائن بثلاث أو دونها .