الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص303
أحدها : أن يكون الطلاق دون الثلاث ، فإن كان ثلاثاً حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره ، وسواء جمع بين الثلاث أو فرقها قبل الدخول كانت أو بعده . قال الله تعالى ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ) [ البقرة : 23 ]
والشرط الثاني : أن يكون الطلاق بعد الدخول فإن كان قبله فلا رجعة ، لأنه لا عدة على غير المدخول بها ، والرجعة تملك في العدة .
قال الله تعالى : ( . . ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) [ الأحزاب : 49 ] .
والشرط الثالث : أن يكون الطلاق بغير عوض ، فإن كان خلعاً بعوض ، فلا رجعة فيه لما ذكرناه في كتاب الخلع .
والشرط الرابع : أن تكون باقية في عدتها ، فإن انقضت العدة فلا رجعة .
قال الله تعالى : ( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف ) [ الطلاق : 2 ٍ ] . والمراد به مقاربة الأجل ، لأن حقيقة الأجل ، وإن كان لانقضاء المدة كما قال : ( فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) [ البقرة : 232 ] . يريد به انقضاء عدتهن فقد يجوز أن يراد به مجازاً أن يقارب انقضاء العدة كالذي قاله هاهنا ، وهو معنى قول الشافعي ، فدل سياق الكلامين على افتراق البلوغين .
فإن قيل : فلم خص الرجعة بمقاربة الأجل وعند انقضاء العدة ، وهي تجوز في أول العدة ، كما تجوز في آخرها . وهي في أولها أولى .
قيل عنه جوابان :
أحدهما : التنبيه على أنها إذا جازت في آخر العدة كانت بالجواز في أولها أولى .
والثاني : ليدل على صحة الرجعة في حال الإضرار بها ، وهو أن تنتظر بها آخر العدة ، ثم يراجعها ثم يطلقها بعد الرجعة فلا تكون هذه الرجعة من الإمساك بالمعروف ، وقد قال تعالى : ( ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ) [ البقرة : 231 ] . ثم قد صحت الرجعة في هذه الحال مع قصد الإضرار فكان صحتها بالمعروف إذا لم يقصد الإضرار أولى فإذا صحت بهذه الشروط الأربعة فهي جائزة وليست بواجبة ، وأوجبها ملكاً في طلاق البدعة وقد مضى الكلام معه .