الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص295
( فصل : )
وإذا قال لها : يا زانية أنت طالق ثلاثاً إن شاء الله ، كان الاستثناء راجعاً إلى قوله أنت طالق ثلاثاً فلا تطلق ، ولا يرجع قوله يا زانية ، ويكون قاذفاً ، لأنه اسم مشتق من فعل لا يصح دخول الاستثناء فيه ، ألا ترى انه يصح أن يقول : أنت طالق ثلاثاً إن شاء الله ، ولا يصح أن يقول يا زانية إن شاء الله ، وهكذا لو قلب الكلام فقال : أنت طالق ثلاثاً يا زانية إن شاء الله رجع الاستثناء إلى الطلاق ، وإن تقدم فلا تطلق ، ولا يرجع إلى القذف ، وإن تأخر يكون قاذفاً ، وقال محمد بن الحسن : يرجع الاستثناء إليهما فلا يكون مطلقاً ولا قاذفاً ، لأنه لا يصح رجوعه إلى الأبعد دون الأقرب ، وهذا فاسد بما ذكرنا من التعليل ، بأن الأسماء المشتقة من الأفعال والصفات لا يصح دخول الاستثناء فيها ، فعلى هذا لو قال : أنت طالق ثلاثاً يا طالق إن شاء الله ، رجع الاستثناء إلى قوله أنت طالق ثلاثاً ، فلم تطلق به ، ولم يرجع إلى قوله يا طالق لأنه اسم مشتق من صفة وطلقت به ، وعلى قول محمد بن الحسن رجع إليهما فلا تطلق .
( فصل : )
ولو كانت زوجته مع أجنبية ، فقال : إحداكما طالق فإن أراد طلاق زوجته طلقت ، وإن أراد الأجنبية قبل منه ظاهراً وباطناً ، ولم تطلق زوجته ، نص عليه الشافعي في الإملاء ، ولو كان اسم زوجته زينب وفي البلد جماعة زيانب يشاركنها في الاسم ، فقال : زينب طالق وقال : أردت غير زوجتي من الزيانب .
قال ابن سريج : لم يقبل منه ، وطلقت عليه زوجته في الظاهر ، وكان مديناً في الباطن ، والفرق بينهما أن التسمية أقوى حكما من الكناية فاختص الاسم لقوته بالزوجة دون الأجنبية ، ولم تختص الكناية لضعفها بالزوجة دون الأجنبية .
ولو قال وزوجته ابنة زيد ولزيد بنت أخرى ، فقال : بنت زيد طالق ، وقال : أردت أختها دونها فهذا وإن كان تعريفاً ولم يكن اسماً ، فهو بالاسم أشبه منه بالكناية ، فلا تقبل منه ويلزمه الطلاق في الظاهر ويدين في الباطن .
( فصل : )
وإذا رأى امرأة فظنها زوجته عمرة فقال لها : أنت طالق ، وأشار ( بالطلاق إليها ، ولم يذكر اسم زوجته في الإشارة ) لم يلزمه الطلاق ، لأن زوجته لم يسمها ، ولا أشار بالطلاق إليها والطلاق لا يقع إلا بالتسمية أو بالإشارة ، ولو سمى فقال : يا عمرة وأشار إلى الأجنبية أنت طالق ولم يعلم أنها أجنبية طلقت زوجته عمرة في الظاهر ، لأجل التسمية وكان في الباطن مديناً لأجل الإشارة .
( فصل : )
ولو كان له زوجتان حفصة وعمرة ، فنادى حفصة فأجابته عمرة ، فقال لها : أنت طالق فله في ذلك خمسة أحوال :
أحدها : أن يعلم حين نادى حفصة أن التي أجابته عمرة ويريد بالطلاق حفصة