الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص292
قوله : يوم لا أطلقك فأنت طالق ، وليس الفرق بينهما معنى يصح فإن جعل ذكر اليوم في دخول الدار ، عبارة عن الوقت جعل في وقوع الطلاق عبارة عن الوقت ، وإن لم يجعل في أحدهما لم يجعل في الآخر ، ولكن لو قال : ليلة لا أدخل فيها دار زيد ، فأنت طالق لم تطلق إلا بمضي الليلة لا بدخول داره فيها .
والفرق بين الليلة واليوم ، أن العرف مستعمل بأن الوقت قد يعبر عنه باليوم ولا يعبر عنه بالليلة ، ولو قال : أنت طالق إلى حين أو إلى زمان ، طلقت إذا سكت ، لأنه حين وزمان ووقت .
أحدها : أن يريد أنها تطلق اليوم واحدة وهي لاحقة بها في غد ، فتطلق في يومه واحدة لا غير وهي لاحقة بها في غد .
والثانية : أن يريد أنها تطلق في يومه واحدة وفي غده أخرى فتطلق اثنتين واحدة في اليوم وأخرى في غد .
والثالث : أن يريد تبعيض الطلاق ، الطلقة في اليوم وفي غد ، فينظر إن أراد تبعيض طلقتين كأنه أراد بعض طلقة في يومه ، وبعض أخرى في غده ، طلقت طلقتين في يومه وغده تكميلاً للبعض الواقع فيه . وإن أراد تبعيض طلقة واحدة فتقع اليوم طلقة تكميلاً للطلقة الواقعة فيه فهل يطلق في غده أم لا ؟ على وجهين ذكرهما ابن سريج :
أحدهما : لا تطلق ، لأن البعض الذي أوقعه في غده ، قد تعجل في يومه .
والوجه الثاني : تطلق ، لأن البعض الذي في يوم يكمل بالشرع ، لا بتقديم ما أخره فوجب أن يكون البعض الذي في غده واقعاً بالإرادة تكملاً بالشرع .
والرابعة : أن لا يكون له إرادة فتطلق في يومه واحدة ، ولا تطلق في غده حملاً على الحال الأولى ، لأنها محتملة والأصل أن لا تطلق ، ولو قال : أنت طالق اليوم إذا جاء غد ، فجاء غد لم تطلق في اليوم ولا في غد ، لأن وقوع طلاقها في اليوم تقديم للطلاق قبل وجود الشرط ، وذلك لا يجوز ووقوعه في الغد إيقاع له في غير محله ، وذلك لا يصح ، فإن أراد بقوله : أنت طالق اليوم إذا جاء غد ، كقوله : إذا قدم زيد فأنت طالق قبله بيوم .