الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص291
والوجه الثاني : وهو الأصح : لا تطلقا حتى تدخل كل واحدة منهما كل واحدة من الدارين ، لأنه لو أفرد طلاق كل واحدة منهما بدخول الدارين ، لم تطلق إلا بدخولهما معاً ، فكذلك إذا جمع بينهما لم تطلق كل واحدة منهما إلا بدخول الدارين معاً ، وهكذا لو قال : إن ركبتما هاتين الدابتين فأنتما طالقتان فركبت كل واحدة منهما كل واحدة من الدابتين أو قال إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان ، فأكلت كل واحدة منهما أحد الرغيفين كان طلاقهما على هذين الوجهين .
وقال أبو حامد الإسفراييني : يقع الطلاق ، لأن شرط الطلاق فواته في اليوم ، وإذا بقي من آخره ما يضيف عن لفظ الطلاق فقد وجد الشرط ، وذلك الزمان لا يضيق عن وقوع الطلاق ، وإن ضاق عن لفظه فوجب أن يقع وهذا فاسد ، وقول أبي العباس أولى ، لأن وقوع الطلاق إذا لم يكن إلا بلفظ الطلاق وزمان لفظه وزمان وقوعه مثلان ، فإذا ضاق عن أحدهما ضاق عن الآخر .
ولكن لو قال : إن لم أبع عبدي اليوم فأنت طالق اليوم فلم يبعه حتى مضي اليوم ، طلقت وصح فيه تعليل أبي حامد ، لأن زمان البيع أوسع من زمان الطلاق ، لأنه يفتقر إلى بذل البائع وقبول من المشتري ، فإذا ضاق عن اللفظين في البيع وجد الشرط ، وهو لا يضيق عن الطلاق الذي يقع بأحد اللفظين فلذلك وقع ، ولو قال : إن لم أبع عبدي اليوم فأنت طالق اليوم ، فأعتقه طلقت لفوات بيعه بالعتق ، وفي زمان طلاقها وجهان :
أحدهما : عقيب عتقه .
والثاني : في آخر اليوم إذا ضاق عن وقت البيع ، لو كان بيعه ممكناً ولكن لو دبر عبده لم تطلق إلا بفوات بيعه ، لأن بيع المدبر جائز وكذلك لو كاتبه ، لأنه قد يجوز أن يفسخ المكاتب كتابته فيجوز بيعه .
قال أبو العباس بن سريج : ولو قال لها : أنت طالق يوم لا أطلقك فإذا مضى يوم لم يطلقها فيه طلقت بالحنث ، ولو قال : أنت طالق يوم لا أدخل دار زيد ، طلقت إذا مضى عليه وقت يمكنه أن يدخل فيه دار زيد ، من ليل أو نهار ، ولم يراع فيه مضي اليوم ، قال : لأن الناس يريدون بمثل هذا الوقت دون اليوم المقدر ، كقوله تعالى : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال ) [ الأنعام : 16 ] . يريد به الوقت ولا يريد به نهار اليوم ، وهذا التعليل إن صح في قوله : لا أدخل دار زيد فأنت طالق ، صح في