الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص287
وبه قال من الصحابة : عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة .
ومن الفقهاء : مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى وزفر بن الهذيل ومحمد بن الحسن ، وقال أبو حنيفة ويوسف : الزوج الثاني قد هدم طلاق الأول ورفعه ، فإذا عادت إلى الأولى كانت معه على ثلاث تطليقات ، استدلالا بقول الله تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) [ البقرة : 299 ] . فاقتضى ظاهر الآية جواز الرجعة إذا طلقها في النكاح الثاني ، واحدة بعد اثنتين في النكاح الأول ، وأنتم تمنعون منها وتحرمونها إلا بعد زوج ، قالوا : ولأنها إصابة زوج ثان فوجب أن تهدم ما تقدم من طلاق الأول ، أصله إذا كان طلاق الأول ثلاثاً ، قال : ولأن إصابة الثاني لما قويت على هدم الطلاق الثلاث ، كانت على هدم ما دونها أقوى ، كمن قوي على حمل مائة رطل كان على حمل رطل أقوى ، وكالماء إذا رفع كثير النجاسة كان برفع قليلها أولى ، وكالغسل إذا رفع الجنابة ، كان برفع الحدث أولى ، وكالجنابة إذا نقضت طهر البدن ، كانت بنقض طهارة بعضه أولى .
ودليلنا قول الله تعالى : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ) [ البقرة : 230 ] . فكان طلاق من بقيت له من الثلاث طلقة يوجب تحريمها إلا بعد زوج ، سواء نكحت قبل طلاقه زوجاً أم لا ، فإن قيل : فإن كان آخر الآية دليلاً لكم ، كان أولها على ما مضى دليلاً لنا ، قيل : إذا اجتمع في الآية الواحدة ما يوجب الحظر والإباحة ، كان تغليب ما يوجب الحظر على الإباحة أولى .
ومن القياس أنها إصابة لم تكن شرطاً في الإباحة فلم تهدم ما تقدم الطلاق كإصابة السيد والإصابة بشبهة ولأنه طلقها قبل استكمال عدد الطلاق ، فوجب أن يبنى على ما تقدم من الطلاق ، وأصله إذا لم يدخل بها الثاني ، ولأن الاستباحة الواقعة بعد الفرقة المستبيحة عن نكاح زوج ، لا تردها إلى أول العدة كالرجعة ، لأنها طلقة استكمل بها عدد الثلاث ، فوجب تحريمها إلا بعد زوج .
أصله : إذا استكمل الثلاث في الابتداء ، ولأن إصابة الزوج الثاني في الطلاق الثلاث لا يهدمه ، وإنما يرفع تحريمه لأمرين :
أحدهما : أن الطلاق قد وقع فلم يرتفع بعد وقوعه .
الثاني : أنه لو ارتفع لاستباحها بغير عقد ، وإذا أثرت في رفع التحريم في الثلاث وليس فيما دون الثلاث تحريم لم يكن للإصابة فيها تأثير .
ولأننا أجمعنا على أن النكاح الثاني يبنى على الأول في الإيلاء والظهار ، قبل زوج وبعده فكذلك في عدد الطلاق .
وأما الجواب عن الآية فقد مضى .