الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص282
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أن الطلاق يقع في التعيين وتكون المعينة قبل التعيين وبعد التلفظ بالطلاق زوجته .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : أن الطلاق يقع باللفظ المتقدم ، وأن الوطء صادفها وهي غير زوجة ، عير أنه لا حد عليه بحال ، لأنها كانت جارية في حكم الزوجات لتخييره تعيين الطلاق في غيرها ، فعلى هذا إن قيل : إن الطلاق يقع بالتعيين المتأخر ، فالعدة من وقت التعيين ، وإن قيل : إن الطلاق يقع باللفظ المتقدم ففي العدة وجهان :
أحدهما : أنها من وقت الطلاق المتقدم لا من العدة بتعقب الطلاق .
والوجه الثاني : أن العدة من وقت التعيين المتأخر ، وإن تقدم الطلاق اعتباراً بالتغليظ في الأمرين .
قال الماوردي : وصورتها في رجل طلق إحدى زوجتيه وأخذ ببيان المطلقة منهما ، فقال : هي هذه لا بل هذه ، فلا يخلو حال الموقع بينهما من أن يكون معيناً أو مبهماً ، فإن كان معيناً فقال : هذه لا بل هذه طلقتنا معاً ، لأن البيان لا يقع به الطلاق وإنما هو إقرار بوقوعه باللفظ المتقدم ، فإذا قال : بل هذه صار مقراً بطلاقها ، فإذا قال : لا بل هذه صار مقراً بطلاق الأخرى راجعاً عن طلاق الأولى ، فقبل إقراره بالثانية ولم يقبل رجوعه عن الأولى كمن قال : علي لزيد ألف درهم ، لا بل هي على عمرو ، كان مقراً لكل واحد منهما بألف ، لأن رجوعه عن زيد إلى عمرو يجعله مقراً لزيد وعمرو . وإن كان الطلاق مبهماً ففيه وجهان :
أحدهما : أنهما تطلقان معاً كالطلاق المعين وهذا على الوجه الذي نقول : إن البيان في المبهم يوجب وقوع الطلاق باللفظ دون التعيين .
والوجه الثاني : أنه يطلق الأولى دون الثانية ، وهذا على الوجه الذي يقول فيه : إن البيان في المبهم يوجب وقوع الطلاق بالتعيين ، ويكون الفرق على هذا بين المعين والمبهم ، أن البيان في المعين إقراراً ، فجاز أن يكون الثاني إقراراً كالأول والثاني في المبهم طلاق ، ولم يكن الثاني طلاقاً بخلاف الأول ، لأنه إشارة والطلاق لا يقع بمجرد الإشارة .