الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص279
فطلقتا ، كما لو شرك بينهما . وقال داود : لا طلاق على واحدة منهما ، كما لو قال : لأحد هذين الرجلين علي ألف درهم لم يلزمه لواحد منهما شيء . وكلا المذهبين مدخول ويلزمه طلاق إحداهما دون الأخرى لرواية عطاء عن ابن عباس أن رجلاً من أهل عمان أتاه فقال : إن لي ثلاث نسوة وإني طلقت إحداهن ، فثبت طلاقها فقال ابن عباس : إن كنت نويت طلاق واحدة منهن بعينها ، ثم أنسيتها فقد اشتركن في الطلاق ، كما يشتركن في الميراث ، وإن لم تكن نويت واحدة منهما بعينها ، فطلق أيتهن شئت وأمسك الباقيتين . وهذا قول ابن عباس ، وليس أعرف له في الصحابة مخالفاً فصار إجماعاً .
وقوله : إن كنت نويت واحدة منهن بعينها ، ثم أنسيتها فقد اشتركن في الطلاق ، يعني في تحريم الطلاق لا في وقوعه على ما سنذكره ، و لأن الحظر والإباحة إذا اجتمعا لم يغلب حكم الإباحة إجماعاً ، فسقط به قول داود ، وإذا أمكن تمييزها لم يغلب به حكم الحظر ، فبطل به قول مالك . ولأنه لو قال لعبديه : أحدكما حر ، عتق أحدهما ، وبين المعتق منهما كذلك الطلاق وفيما ذكرنا انفصال .
أحدهما : من وقت اللفظ ، لأنه أوجب الطلاق .
والوجه الثاني : وهو قول ابن أبي هريرة من وقت التعيين لأنه ميز الطلاق فإذا قيل بهذا الوجه اعتدت من وقت التعيين ، وإذا قيل بالأول ففي عدتها وجهان : أحدهما : من وقت وقوع الطلاق ، باللفظ ؛ لأنها تتعقب بالطلاق .
والوجه الثاني : من وقت تعيينه ، وإن تقدم الطلاق شرع بغليظ الأمرين .