الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص273
القول فيه قول ضاربه ، فقد خالفتم اليقين في بقاء حياته ، قلنا : أما القود فلا يجب ، لأنها شبهه والقود حد يسقط بالشبهة ، وإما الدية ففيها قولان :
أحدهما : تجب اعتبار باليقين بقاء حياته
والثاني : لا تجب اعتباراً باليقين في براءة الذمة ، فعلى هذا قد تقابل أصلان لأحدهما بقاء الحياة في وجوب الدية .
والثاني : براءة الذمة في إسقاطها فعلم حكم اليقين في أحد الأصلين وهو براءة الذمة ، وليس كذلك في الطلاق لأنه اصل واحد لم يعارضه غيره فاعتبر اليقين فيه . ومنها أن العبد الآبق إذا أعتقه عن كفارته لم يجزه ، والأصل بقاء حياته ، قيل : هذا نص الشافعي في عتقه عن الكفارة انه لا يجزئ ؛ لجواز أن يكون ميتاً ، وعليه زكاة فطره ؛ لجواز أن يكون حياً ، فغلب حكم الحياة في الزكاة ، وحكم الموت في الكفارة .
فمن أصحابنا من نقل كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ، وخرجهما على قولين :
أحدهما : يجزئ عتقه في الكفارة كما تجب فيه زكاة الفطر ؛ تغليباً لليقين في بقاء الحياة .
والثاني : لا تجب فيه زكاة الفطر ، كما لا يجزئ عتقه في الكفارة ، تغليباً لحكم اليقين في بقاء الكفارة في الذمة ؛ لأنه تقابل أصلان فرجح اليقين في أوكدهما وليس كالطلاق الذي هو أصل واحد يجب اعتبار اليقين فيه .
أحدهما : أن يشك في أصله .
والثاني : أن يشك في عدده ، فإن كان شك في أصله ، هل طلق أم لا ؟ لم يلزمه الطلاق ، اعتباراً باليقين في بقاء النكاح ، وإسقاطاً للشك في رفعه بالطلاق ، وهذا متفق عليه ، لكن الورع أن يلتزم حكم الطلاق حتى لا يستبيح بضعاً بالشك ، فإن كان الشك في طلقة واحدة ، هل أوقعها أم لا ؟ فالتزامه لحكمها ورعاً أن يرتجعها ، فإن كان قد طلق حلت له بالرجعة ، وإن لم يكن قد طلق لم تضره الرجعة ويستبقيها على طلقتين ، وإن كان الشك في الطلاق الثلاث هل أوقعها أم لا ؟ فالورع أن يترك الاستمتاع بها ، أن يعتزلها ويلتزم نفقتها ، فيغلب الشك في اعتزال الوطء واليقين في التزام النفقة ، وإن أراد الاستمتاع بها أن يطلقها ثلاثاً لتستبيح نكاح غيره بيقين ، فإن كان قد وطئها من قبل لم يقع هذا الطلاق ، وإن لم يكن قد طلقها من قبل وقع هذا الطلاق .
وحلت له لزوج بعده ، فإذا استحلت بزوج حلت له أن ينكحها ثم هي مستباحة