پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص268

قال الماوردي : وهذا كما قال ؛ إذا أقر في مرضه انه كان قد طلقها في صحته ، يقبل إقراره ؛ لأنها حالة يملك فيها إيقاع الطلاق فصح منه الإقرار بالطلاق ، ويكون طلاقاً في الصحة دون المرض ، لا يرث به قولاً واحداً ، لكنها تعتد من وقت إقراره ولا يقبل قوله في سقوط نفقتها ، ونقل عن أبي حنيفة ومالك أنها ترثه للحوق التهمة في إقراره ، كلحوقها في طلاقه . وهذا خطأ ؛ لأن المقر بالطلاق غير مطلق في حال الإقرار ، ألا ترى لو حلف لا يطلق فأقر بالطلاق لم يحنث ، فلم يجز أن يضاف طلاق الصحة إلى حال المرض ، وإن كان مقراً به في المرض .

( فصل : )

ولو قال لها في صحته : إذا قدم زيد فأنت طالق ، فقدم زيد في مرضه ، طلقت ولا ترث ، قولاً واحداً ، وإن كان وقوع الطلاق في المرض لعقده في الصحة ، وانتفى التهمة عنه في الإرث وهكذا لو قال في صحته : أنت طالق رأس الشهر ، فأهل الشهر وهو مريض طلقت ، ولم ترث تعليلاً بما ذكرنا ، وبه قال أبو حنيفة : وقال مالك ترث ؛ لأنها مطلقة في المرض ، وقوله مردود بما وصفنا من انتفاء التهمة عنه ، ولو قال لها في صحته : أنت طالق في مرضي ، طلقت فيه وكان لها الميراث على ما ذكرنا من الأقاويل ، ولكن لو قال لها في صحتها : أنت طالق قبل موتي لشهر ، ومات بعده بشهر من قوله ، طلقت قبل موته بشهر ، فإن كان وقت وقوع الطلاق عليها صحيحاً لم ترثه ؛ لأنه طلاق في الصحة وإن كان مريضاً ، فالصحيح أنها لا ترثه لأنه عقد طلاق في الصحة يجوز أن يكون وقوعه في الصحة . وفيه وجه : أنها ترثه ؛ لأنه لما قيده بزمان الموت صار متهوماً بالتعرض له ، ولكن لو قال : أنت طالق في آخر أجزاء صحتي المتصلة بأسباب أول موتي طلقت فيه ولم ترث وإن كان متهوماً لأنه طلاق في الصحة ، فلم يجز أن تورث فيه ، ولكن لو علق طلاقها في صحته بفعله ثم أوقع الفعل في مرضه . مثاله : أن يقول وهو صحيح : إن كلمت زيداً فأنت طالق أو إن دخلت الدار فأنت طالق ثم كلم زيداً في مرضه أو دخل الدار في مرضه فلها الميراث ؛ لأنه منهم بإيقاع الفعل فيه .

( فصل : )

ولو طلقها في مرضه المخوف ثم صح منه ثم مرض ومات لم ترثه ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وقال زفر بن الهذيل : ترث ؛ لأنه طلاق في المرض ، وليس بصحيح ؛ لأنه تعقب الصحة قد أخرج مرض الطلاق أن يكون مخوفاً ، فلو طلقها في مرضه المخوف ثم قتل فيه أو افترسه سبع أو نهشته أفعى فكان موته من غيره ، قال أصحابنا : لم ترث ؛ لأن حدوث الموت من غيره فنفي عنه حكم الخوف . وهكذا لو طلقها في مرضه فارتدت عن الإسلام ثم عادت إليه قبل موته لم ترث قولاً واحداً ؛