پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص266

وأما قياسهم على الفرقة بالموت ، فالمعنى فيها أنها لا تمنع ميراثها منه .

وأما استدلالهم بالقتل فهو استدلال العلتين ؛ لأن القتل يمنع من ميراث كان مستحقاً وهم جعلوا طلاق المرض يثبت ميراثاً كان ساقطاً ، وليس لاعتبار التهمة فيه وجه فإن التهمة لو وجدت في الفرقة التي من جهتها لم تورث فكذلك في الفرقة من جهته .

وأما الجواب عن استدلالهم بأن حقوق الورثة قد تعلقت بعين ماله فغير مسلم ؛ لأنه لو أنفقه في شهواته وملاذه ولم يمنعه ولو سلم لهم لتعلق به حق من كان وارثاً عند موته وليست هذه وارثة عند الموت فلم يصح الاستدلال .

( فصل : )

إذا تقرر القولين فإن قيل بالثاني : أنها لا ترث فلا تفريع عليه ، سواء كان الموت في العدة أو بعدها ، سألته الطلاق أو لم تسأله .

وإذا قيل بالأول : أنها ترث ، ففي زمان ميراثها منه ثلاثة أقاويل :

أحدها : وهو مذهب أبي حنيفة أنها ترثه ما كانت في عدتها وهي عدة الطلاق بالأقراء ، فإذا انقضت عدتها لم ترث ؛ لأن بقاء العدة من بقايا علق النكاح وأحكامه فتبعها الإرث وسقط بانقضائها .

والقول الثاني : أنها ترثه ما لم تتزوج وهو مذهب ابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل ، فإن تزوجت لم ترث ؛ لأن تزويجها رضا منها بطلاقه .

والقول الثالث : وهو مذهب مالك : أنها ترثه وإن تزوجت ؛ لأنه حق لها فلم يسقط بالتزويج كسائر الحقوق .

( فصل : )

فإذا تقرر أن ميراثها على ما ذكرنا من الأقاويل الثلاثة ، فإنها ترثه إذا لم تختر طلاق نفسها فإن اختارات طلاقها لم تختر طلاق نفسها فإن اختارت طلاقها لم ترث . واختيارها للطلاق قد يكون من وجوه ، منها : أن تسأله الطلاق فيطلقها ، أو يعلقه بمشيئتها فتشاء طلاقها أو يعلقه بفعلها فيما لا تجد منه بداً ، كقوله : إن دخلت الدار أو كلمت زيداً أو لبست هذا القميص أو أكلت هذا الرغيف فأنت طالق فتفعل ذلك ، فيدل على اختيارها للطلاق ؛ لأنها تجد من ذلك بدا فلا تدخل الدار ، ولا تكلم زيداً ، ولا تلبس ذلك القميص ، ولا تأكل ذلك الرغيف .

فأما إن علقه بفعل ما لا تجد بدا منه كقوله : إن أكلت أو شربت أو نمت أو قعدت ، فإن فعلت ذلك عند الحاجة فهي غير مختارة لطلاقها ، فلها الميراث وإن فعلته قبل وقت الحاجة ففيه وجهان :