پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص265

وإذا قيل بالثاني : وأنها لا ترث وهو أقيس القولين وأولاهما فدليله : ما رواه أبو سعيد المكي في خلافه عن النبي ( ص ) قال : ( لا ترث المبتوتة ) وهذا إذا صح نص لا يسوغ خلافه ، ولأنها فرقة تقطع إرثه منها فوجب أن تقطع إرثها منه ، أصله الفرقة في الصحة ، ولأنه إرث ينقطع بالفرقة في حال الصحة فوجب أن ينقطع بالفرقة في حال المرض ، أصله إرث الزوج ، ولان للنكاح أحكاماً من طلاق وظهار وإيلاء وتحريم للجمع بينها وبين أختها وخالتها وعمتها وثبوت الميراث وعدة الوفاة ، فلما انتفى عن هذه المبتوتة في حال المرض أحكام النكاح من غير الميراث ، انتفى عنها أحكام النكاح في الميراث . وتحريره قياساً : أنه حكم يختص بالنكاح فوجب أن ينتفي عن المبتوتة في المرض كسائر الأحكام ولأن فسخ النكاح في المرض سبب من جهتها كالردة والرضاع يمنع ميراثه منها ، وإن توجهت التهمة إليهما جميعاً بين وجوده في الصحة والمرض ، وجب أن يكون وجود الفرقة من جهته يمنع ميراثها منه تسوية بين الصحة والمرض .

فأما الجواب عن استدلالهم بالإجماع : فهو أن الخلاف فيها حاصل وهو قول عبد الله بن الزبير : لو كنت أنا لم أر أن ترث مبتوتة ، وهو صحابي من أهل الاجتهاد لا سيما في أيام عثمان رضي الله عنه ، وروي أن عبد الرحمن بن عوف قال : والله لا أورث تماضر ، ثم طلقها في مرضه فقيل له أفررت من كتاب الله . قال : ما فررت من كتاب الله إن كان لها فيه ميراث فأعطوها فصالحها عثمان من ربع الثمن على ثمانين ألفاً . ولو كانت وارثة فصولحت ، فخرج أن يكون فيه إجماعاً .

ولكن لاحتمال الأمر عند عثمان تقدم بمصالحتها .

وجواب ثان وهو أن أبا سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف روى عن أبيه أنه قال : لا تسألني امرأة من نسائي الطلاق إلا طلقتها فغضبت تماضر وسألت الطلاق ، فغضب عبد الرحمن وطلقها . وتماضر هي أم أبي مسلمة وهو أعرف بحالها ، وقد روي أنها سالت الطلاق ، وأبو حنيفة لا يورثها إذا سألت طلاقها ، فلم يكن له فيه دليل لو كان إجماعاً ، ولأن أبا سلمة روي انه مات بعد انقضاء عدتها ، وأن موته كان بعد تسعة أشهر من طلاقها ، وعند أبي حنيفة أنها لا ترث بعد انقضاء عدتها ، فخرج أن يكون له فيه دليل .

فإن قيل : فقد روى عروة بن الزبير انه مات وهي في العدة ، وروى ابن أبي مليكة انه مات في عدتها بعد حيضتين ، قيل : أبو سلمة أعرف بحالها ؛ لأنه ابنها من غيره من الأجانب ، ولأن نقله أزيد فكان الأخذ به أحق .