الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص261
الوجهين : فإن قال : أنت طالق إن شاء الله وشئت ، فقالت : قد شئت لم تطلق ؛ لأنه قيد وقوع طلاقها بشرطين هما مشيئة الله ومشيئتها ، ومشيئة الله لا تعلم وإن علمت مشيئتها ، فلذلك لم يقع الطلاق .
فلو قال : أنت طالق إن شاء الله زيد ، وكان زيد مجنوناً فقال ؛ قد شئت لم تطلق ؛ لأن المجنون لا مشيئة له ، ولو كان سكران فشاء طلقت ؛ لثبوت الأحكام بأقواله ، ويحتمل وجهاً آخر : أنها لا تطلق لأن سكره يوجب تغليظ الحكم على نفسه ، ولا يوجب تغليظه على غيره ، ولو قال : أنت طالق إن شاء زيد وكان أخرس فشاء بالإشارة طلقت ، ولو كان ناطقاً فخرس فشاء بالإشارة ، قال أبو حامد الإسفراييني لم تطلق ؛ لأنه مشيئته وقت الطلاق كانت نطقاً فلم تثبت بالإشارة وهذا عندي غير صحيح ؛ لأنه إشارة الأخرس تقوم مقام نطقه مع العجز وقت البيان ولا اعتبار بما تقدم الأمر ، أن لو كان أخرس في وقت الطلاق ناطقاً في وقت البيان ، لم يصح منه إلا بالنطق دون الإشارة وأن صحت منه في وقت الطلاق بالإشارة كذلك إذا كان ناطقاً فخرس ، فو قال ؛ أنت طالق إن شاء الحمار ، فهذا من الشروط المستحيلة لأنه لا مشيئة للحمار ، فجرى مجرى قوله : أنت طالق إن صعدت السماء ، فيكون لوقوع الطلاق فيه على ما مضى من الوجهين .
ولو قال لزوجته : أنت طالق وطالق إن شاء الله ، رجع الاستثناء إذا أطلقه إلى الطلاقين فلم يقعا وعند أبي حنيفة يرجع إلى الثاني ويقع الأول .