پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص260

عن معاذ قال : قال لي رسول الله ( ص ) ( يا معاذ ما خلق الله شيئاً على وجه الأرض ، أحب إلى الله من العتاق ولا أبغض إليه من الطلاق ) .

فإذا قال الرجل لمملوكه : أنت حر إن شاء الله ، فهو حر ولا استثناء له ، فإذا قال لامرأته : أنت طالق إن شاء الله ، فكذا استثناؤه ولا طلاق عليه ، بدليلين على حمل ما دللنا به على مالك ، وهذا الخبر غير صحيح ؛ لأن حميد بن مالك غير ثقة ، ومكحول لم يلق معاذاً . هكذا قال الدارقطني ، وحكى الداركي عن أبي إسحاق المروزي ، لو ثبت هذا الحديث لم يكن تأويله بحال ، وأما ما ذكره من الفرق بينهما ، فهو أن اختلافهما في الاستحباب والكراهية لا يدل على اختلافهما في الوقوع ؛ لأنه قد يقع الشيء ويلزم حكمه ، وإن كان مكروهاً وقد يقع ولا يلزم وإن كان مستحباً .

( فصل : )

فإذا تقرر ما ذكرنا ، فمشيئة الله ترفع حكم كل قول اتصل بها من طلاق وغيره ، سواء تقدمت المشيئة أو تأخرت أو توسطت ، فلو قال : أنت طالق إن شاء الله ، أو أنت إن شاء الله طالق ، أو إن شاء الله أنت طالق ، فلا طلاق وهكذا لو قال : أنت طالق بمشيئة الله أو إذا شاء الله أو متى شاء الله فلا طلاق ، ولو قال : أنت طالق إن لم يشأ الله لم تطلق ، لأنه قد يجوز أن لا يشأ فتطلق ، وقد يشاء فلا تطلق وليس يعلم هل شاء أو لم يشأ ، فلم يقع الطلاق ؛ لأن صفة وقوعه وهو عدم المشيئة لم تعلم كما لا يقع إذا قال : إن شاء الله ، لأن صفة وقوعه وهو المشيئة لم تعلم ، وهكذا إذا قال : أنت طالق ما لم يشأ الله لم تطلق ، فأما إذا قال : أنت طالق إلا أن يشاء الله ، ففي وقوعه وجهان :

أحدهما : حكاه أبو حامد الإسفراييني أنها لا تطلق ؛ لأنه مقيد بمشيئة لا تعلم .

الوجه الثاني : وهو المذهب أنها تطلق ؛ لأنه أوقع الطلاق ، وجعل رفعه مقيداً بمشيئة الله وهي لا تعلم ، فسقط حكم رفعه وثبت حكم وقوعه ، وخالف قوله : أنت طالق إن شاء الله ، لأنه جعل حكم وقوعه مقيداً بمشيئة الله وهي لا تعلم ، فلذلك لم يقع .

( فصل : )

وإذا قال : أنت طالق إن شاء زيد ، فكان وقوعه موقوفاً على مشيئته ، فإن شاء طلقت وإن لم يشأ لم تطلق ، وإن مات زيداً قبل أن تعلم مشيئته لم تطلق ، وهكذا لو كان زيد ميتاً قبل طلاقه لم تطلق ، فلو قال : أنت طالق إلا أن يشاء زيد ، فإن شاء زيد لم تطلق ، وإن لم يشأ طلقت ، فإن مات زيد قبل أن تعلم مشيئته ، كان على