الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص254
والثاني لا يقع عليها الطلاق في حال البينونة ، كما لو قال لها : إذا مت فأنت طالق ، لم تطلق بموته ؛ لأنها بانت بالموت ، فلم تطلق بالموت .
وحكى أبو علي بن خيران عن الشافعي قولاً ثانياً في الإملاء ، أنها تطلق بالثاني أخرى وتنقضي به العدة ؛ لوجود الصفة في الثاني كوجودها في الأول ، ولا يمتنع أن يقع الطلاق والبينونة معا في حال واحدة ، كالتي لم يدخل بها .
وأنكر سائر أصحابنا تخريج هذا القول لأمرين :
أحدهما : أنني لم أجده في شيء من أماليه وقد تقدم ابن خيران من وقف على أمالي الشافعي قبله ، فلم يحكيه منهم أحد . فعلى هذا يكون ابن خيران منسوباً في حكاية هذا القول إلى السهو والغلط . والثاني : أن الحجاج يبطله وهو كمن قال لامرأته : إذا مت فأنت طالق ، فمات لم تطلق إجماعاً لأن ما به يقع الطلاق قد وقعت به البينونة ، فلم يقع به الطلاق ، فعلى هذا يكون ما حكاه ابن خيران محمولاً على أنها وضعتهما معاً في حالة واحدة ، فطلقت بهما وانقضت عدتها بالأقراء ، ولو وضعتهما واحداً بعد واحد ، طلقت بالأول واحدة ، ولم تنقض به العدة ، وانقضت عدتها بالثاني ، ولم تطلق به ، وعلى هذا يكون التفريع ، فعلى هذا لو وضعت ثلاثة أولاد ، فإن وضعتهم معا في حالة واحدة طلقت بهم ثلاثاً ، وانقضت عدتها بالأقراء ، ولو وضعتهم واحداً بعد واحد طلقت بالأول واحدة وبالثاني ثانية وانقضت عدتها بالثالث ، ولم تطلق به ، وهذا إذا كان الثلاثة من حمل واحد وهو أن يكون بين الأول والأخير أقل من ستة أشهر فإن كان بين الأول والثاني أكثر من ستة أشهر طلقت بالأول وحده طلقة .
قال أبو حامد الإسفراييني : وتنقضي عدتها قبل وضع الثاني والثالث ؛ لأنهما من حمل مستأنف فيكون لحوقهما به ، كمن وضعت بعد انقضاء عدتها على ما سنفصله .
وهذا الذي قاله عندي ليس بصحيح ؛ لأنه ليس يمتنع أن يطأها في العدة قبل انقضاء العدة عن الثالث فتعلق ويكون باقيه في عدتها إلى وضعه ، فتنقضي به العدة .
وإذا كان كذلك لم يكن لما قاله أبو حامد وجه ، ونظر في الثاني والثالث فإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر انقضت عدتها بالثاني ولم تطلق به وكان لاحقاً بالزوج ، وصار الثالث مولوداً بعد انقضاء العدة ، فيكون لحوقه على ما سنفصل في المولود بعد انقضاء العدة ، وإن كان بين الثاني والثالث أقل من ستة اشهر فهما من حمل واحد ، فعلى هذا تطلق بالثاني ثانية ولا تنقضي به العدة لبقاء الحمل ، تنقضي عدتها بالثالث ، ولا تطلق به ويلحقان بالزوج كالأول . ولو وضعت أربعة أولاد نظر ، فإن وضعتهم معاً في حال واحدة ، طلقت ثلاثاً ؛ لأن الزيادة على الطلاق الثلاث لا تقع ، وتنقضي عدتها