الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص244
والأذن الملصقة بعد القطع ، فلا تطلق بطلاقه . وكذلك الدم والريق والعرق ، لأن البدن وعاؤه وليس بمتصل به ، كما يكون وعاء للطعام والشراب ، ولذلك ينفصل عن البدن كانفصال الطعام والشراب ، فذلك لم تطلق بطلاقه .
وقال ابن أبي ليلى : تطلق بطلاق ذلك ، لكونه من جملتها وفي بدنها كسائر أعضائها ، وهذا خطأ لما عللنا به ، وأنه يجري مجرى قوله : ثيابك طالق ، وهكذا لو أوقع الطلاق على أفعالها فقال : أكلك طالق ، أو شربك طالق أو قيامك طالق أو وقودك طالق ، وهكذا إذا أوقعه على حواسها فقال : نظرك طالق أو سمعك طالق أو ذوقك طالق أو لمسك طالق لم تطلق ، لانفصاله عنها ، إلا أن يوقعه على جوارح هذه الحواس فيقول : عينك طالق ، وأذنك طالق ، وأنفك طالق ولسانك طالق فتطلق ، فإن قال : عندك طالق لم تطلق أيضاً ، فأما أن قال : بياضك طالق أو سوادك طالق ، أو لونك طالق ففي وقوعه عليها وجهان :
أحدهما : تطلق ، لأنه من ذاتها التي لا تنفصل عنها .
والوجه الثاني : أنها لا تطلق ، لأن الألوان أعراض تحل الذات وليست أجساماً كالذات .
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا بعض طلاقها يكمل ولم يتبعض ، سواء كان البعض منها كقوله : أنت طالق بعض طلقة ، أو كان مقداراً : أنت طالق نصف طلقة أو عشر طلقة ، سواء قل البعض أو كثر ، ويكون طلقة كاملة وقال داود : لا يقع الطلاق عليها إلا بطلقة كاملة وإن طلقها بعض طلقة لم تطلق ، لأنه لما لم يتبعض لم يجز أن يلزم منه ، ما لم يلزم ، وصار البعض الذي أوقعه لغواً .
وهذا فاسد ، لأن تكميل الطلاق موجب لكمال التحريم ، وتبعيضه مقتضى