پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص240

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأنه قد أوقع واحدة ، وأراد رفعها فالطلاق بعد وقوعه لا يرتفع ، وجرى ذلك مجرى قوله لعبده ، أنت حر حرية لا تقع عليك ، فإنه يعتق عليه ، لأن الحرية بعد العتق لا ترتفع ، وهكذا لو قال : أنت طالق لا طلقت ، ولم يؤثر قوله ( لا ) بعد تقديم الطلاق ، ولو قال : أنت لا طالق لم يقع الطلاق ، لأنه قدم حرف النفي .

ولو قال لها : أنت طالق اثنتين لا يقعان عليك طلقت اثنتين ، وهكذا لو قال : أنت طالق ثلاثاً لا يقعن عليك ، طلقت ثلاثاً ، ولكن لو قال : أنت طالق واحدة وثانية لا تقع عليك أو قال : ثانية لا طلقت واحدة ، لأن تقدير كلامه فأما الثانية فلا تقع عليك ، وهكذا لو قال : أنت طالق اثنتين وثالثة لا تقع عليك ، أو قال : وثالثة لا طلقت اثنتين ، ولو قال : أنت طالق اثنتين لا تقع واحدة منهما عليك طلقت واحدة وصار استثناء كقوله : أنت طالق اثنتين لا واحدة .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( وإن قال واحدة قبلها واحدة كانت تطليقتين ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يختلف فيه أصحابنا ، أنه إذا قال : أنت طالق واحدة قبلها واحدة أنها طالق طلقتين ولكن اختلفوا في الواحدة التي جعلها قبل التي أوقعها ، هل تقع قبلها على موجب لفظه أو تقع معها ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تقع مع التي أوقعها ولا تقع قبلها ، لأن لا يكون وقوع الطلاق سابقاً للفظ الطلاق .

والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها تقع قبل التي أوقعها ، اعتباراً بموجب لفظه ، ويكون وقوعها بعد لفظه ، وقبل التي أوقعها بلفظه ، فيجعل ناجز الطلاق مؤخراً ليتقدمه طلاق الصفة حتى لا يكون وقوعه سابقاً للفظه ، وهذا فاسد ، لأن ناجز الطلاق يقع بنفس اللفظ ولا يتعقبه ، ألا تراه لو قال لها : أنت طالق ومات مع آخر كلامه من غير فصل طلقت ولو كان يقع بعده لم تطلق فعلى قول أبي إسحاق تقع الطلقتان عليها بعد لقطه بزمانين ، لتقع كل واحدة من الطلقتين في كل واحد من الزمانين . وعلى قول أبي علي بن أبي هريرة ، تقع الطلقتان بنفس اللفظ من غير زمان يعتبر بعده .

فلو قال الزوج : أردت بقولي قبلها واحدة في نكاح كان تقدمه ، فإن صدقته الزوجة عليه لم تطلق إلا واحدة ، وإن أكذبته فإن كانت له بنية على النكاح المتقدم ، كان القول فيه مع يمينه ، ولا تطلق إلا واحدة ، وإن لم تكن له بينة ، كان القول قولها مع يمينها ، لأن الظاهر معها ولزمه في ظاهر الحكم طلقتان ، وكان مديناً في الباطن لا يلزمه إلا واحدة .