الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص239
قال الشافعي رحمه الله تعالى : ( ولو قال لها أنت طالق واحدة في اثنتين فإن نوى مقرونة باثنتين فهي ثلاث وإن نوى الحساب فهي اثنتان وإن لم ينو شيئاً فواحدة ) .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا قال لها : أنت طالق واحدة في اثنتين ، فقد قسم الشافعي حاله فيه ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يريد واحدة مع اثنتين ، فتطلق ثلاثاً لأن ( في ) قد تقوم مقام مع ، لأنها من حروف الصفات التي يقوم بعضها مقام بعض ، قال الله تعالى : ( ونصرناه من القوم ) [ الأنبياء : 77 ] . أي على القوم .
والقسم الثاني : أن يريد الحساب وهو مضروب واحدة في اثنتين ، فتطلق اثنتين ، لأنهما مضروب الواحدة فيهما .
والقسم الثالث : أن لا يكون إرادة ، فالذي نص عليه الشافعي في جميع كتبه ونقله المزني هاهنا ، وفي جامعه الكبير أنها تكون واحدة ، لأن قوله : أنت طالق واحدة إيقاع لها وقوله في اثنتين على مقتضى اللسان ، ظرف للواحدة ، والظرف محل لا يتبع المقصود في حكمه ، كما لو قال : أنت طالق في ثوبين ، أو في دارين ، طلقت واحدة إذا لم يرد أكثر منها ، وكما لو أقر بثوب في منديل كان إقراراً بالثوب ، دون المنديل ، وهذا قول أبي حنيفة أيضاً . وقال أبو إسحاق المروزي : تطلق اثنتين إذا لم تكن له إرادة ، لأنه ليس للطلاق محل ، فيجعل الاثنتين ظرفاً ، وإذا بطل أن يكون ظرفاً ، فصار محمولاً على موجب الحساب فكان اثنتين ، وهذا مع مخالفته للنص فاسد ، لأنه إن لم يكن للطلاق محل فللمطلقة محل فجرى مجرى قوله في ثوبين وفي دارين ، وهو محتمل لذلك ، فلم يبطل حكم هذا الاحتمال .