الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص235
إذا لم يجز عليه تحريم الطلاق أن يقول ولا عليه قضاء الصلاة كما لا يكون على المغلوب على عقله قضاء صلاة ) .
قال الماوردي : وهذه المسائل تشتمل على فصلين :
أحدهما : طلاق المغلوب على عقله .
والثاني : طلاق السكران ، فأما المغلوب على عقله بجنون أو عته أو إغماء أو غش أو نوم ، فإذا تلفظ بالطلاق في حاله هذه التي غلب فيها على عقله فلا طلاق عليه ، لقول النبي ( ص ) : ( رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه ) .
ولأنهم بزوال العقل أسوأ حالاً من المكره العاقل ، فكان ما دل على ارتفاع طلاق المكره فهو على ارتفاع طلاق هؤلاء أدل . فلو أفاق المغلوب على عقله بما ذكرنا بعد أن تلفظ بالطلاق لم يلزمه بعد الإفاقة طلاق ، فلو اختلفا قالت الزوجة : قد كنت وقت طلاقي عاقلا ، وإنما تجاننت أو تغاشيت أو تناومت وقال الزوج : بل كنت مغلوب العقل بالجنون والإغماء والنوم فالقول قول الزوج مع يمينه ، ولا طلاق عليه ، لأمرين .
أحدهما : اعتباراً بالظاهر من حاله .
والثاني : أنه أعرف بنفسه من غيره . ولو اختلفا فقال زوج : طلقتك في حال الجنون . وقالت الزوجة : بل طلقتني بعد الإفاقة ، ففيه وجهان :
أحدهما : أن القول قول الزوج مع يمينه ، ولا طلاق عليه ، لأن الأصل بقاء النكاح ، وأن لا طلاق عليه .
والثاني : أن القول قولها مع يمينها ، والطلاق له لازم ، لأن الأصل الأفاقة ، والتزام أحكام الطلاق إلا على صفة مخصوصة ، ولكن لو ادعى انه طلقها وهو مجنون ، وأنكرت أن يكون قد جن قط ، فالقول قولها مع يمينها ، والطلاق له لازم ، لأنه على أصل الصحة حتى يعلم غيرها .
أحدهما : أن يسكر بشرب مطرب ( فعلى ضربين ) .
والثاني : أن يسكر بشرب دواء غير مطرب ، فإذا سكر بشرب مسكر مطرب فعلى ضربين :
أحدهما : أن لا ينسب فيه إلى معصية ، إما لأنه شربه وهو لا يعلم انه مسكر ، وإما بأن أكره عليه وأوجر الشراب في حلقه ، فهذا في حكم المغلوب على عقله ، ولا طلاق عليه لارتفاع المأثم عنه .