الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص233
والثاني : الجرح ، إما بقطع طرف أو إنهار دم ، فهو إكراه لما فيه من إدخال ألم ، وأنه ربما سرى إلى النفس .
والثالث : الضرب ، فيكون إكراهاً لألمه وضرره ، إلا أن يكون في قوم من أهل الشطارة والصعلكة الذين يتباهون في احتمال الضرب ، ويتفاخرون في الصبر عليه فلا يكون إكراهاً في أمثالهم .
والرابع : الحبس ، فلا يخلو أمره فيه من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يهدده بطول الحبس فيكون إكراها ، لدخول الضرر به .
والثاني : أن يكون قصير الزمان كاليوم ونحوه فلا يكون إكراهاً لقربه وقلة ضرره .
والثالث : أن لا يعلم طوله ولا قصره فيكون إكراهاً ، لأن الظاهر في المحبوس على شيء انه لا يطيق إلا بعد فعله وحكم القيد ، إذا هدر به كحكم الحبس ، لأن أحد المانعين من التصرف .
والخامس : أخذ المال ، فلا يخلو من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون كثيراً يؤثر أخذه في حاله فيكون إكراهاً .
والثاني : أن يكون قليلاً ، فلا يؤثر في حاله فلا يكون إكراهاً .
والثالث : أن يكون كثيراً إلا أنه لا يؤثر في حاله لسعة ماله ، ففي كونه مكرهاً بأخذه وجهان : أحدهما : يكون مكرهاً بقدر المال المنفوس به .
والوجه الثاني : لا يكون إكراها اعتباراً بما له التي لا يؤثر المأخوذ فيها .
والسادس : النفي عن بلده ، فننظر حاله ، فإن كان ذا ولد وأهل مال لا يقدر على نقل أهله وماله معه كان إكراهاً ، وإن قدر على نقلهما ومكن منهما ففي كونه إكراهاً وجهان :
أحدهما : لا يكون إكراهاً لتساوي البلاد كلها في مقامه فيما شاء منها .
والثاني : يكون إكراهاً لأن النفي عقوبة كالحد ، ولأن في تغريبه عن وطنه مشقة لاحقة به .
والسابع : السب والاستخفاف ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون من رعاع الناس وسفلتهم الذين لا يتناكرون ذلك فيما بينهم ولا يغض لهم جاهاً ، فلا يكون ذلك إكراهاً في أمثالهم .
والثاني : أن يكون من الصيانات وذوي المروءات ففيه وجهان :