الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص232
والثالث : في صفة المكره ، فأما المكره ، فهو من اجتمعت فيه ثلاثة شروط :
أحدها : أن يكون قاهراً ، والقاهر على ضربين :
أحدها : أن يكون عام القدرة كالسلطان والمنقلب .
والثاني : أن يكون خاص القدرة كالمتلصص ، والسيد مع عبده ، وكلاهما مكره ، وهما في الحكم سواء ، إذا كانت قدرة المكره نافذة على المكره .
والشرط الثاني : أن يغلب في النفس بالأمارات الظاهرة أنه سيفعل عند الامتناع من إصابته ما يتوعده به وتهدده ، فأما إن لم يغلب على النفس ، جاز أن يفعل ولا يفعل فليس بمكره .
والشرط الثالث : أن يكون مكرهاً بظلم ، فأما إن أكره بغير ظلم كإكراه المولى على الطلاق في قول من يرى أن يكره عليه ، فلا يجري عليه حكم المكره ، وما أكره عليه الطلاق واقع ، وكالناذر عتق عبد بعينه ، إذا امتنع من عتقه فأكره عليه ، فقد عتقه لأن المأخوذ به حق واجب وهو بامتناعه منه طوعاً ظالم آثم ، فإذا تكاملت هذه الشروط الثلاثة في المكره صار مكرها .
أحدها : القتل ، وهو أعظم ما يدخل به الضرر على النفس ، فإذا هدره في نفسه كان إكراها ، فإن هدر به في غيره ، فلا يخلو حال الغير من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون ممن بينهم بعضية كالوالدين وإن علوا ، والمولودين وإن سفلوا ، فيكون التهديد بقتلهم إكراهاً لأن البعضية تقتضي التمازج في الأحكام .
والقسم الثاني : أن يكون من غير ذي رحم محرم ، إما أجنبياً أو ذا نسب لا يكون محرماً كبني الأعمام وبني الأخوال ، فلا يكون تهديده بقتلهم إكراهاً ، لأن بين جميع الناس تناسب من بعيد .
والقسم الثالث : أن يكون ذا رحم محرم كالإخوة والأخوات وبينهما ، والأعمام والعمات دون بنيها والأخوال والخالات دون بنيها ، فهل يكون التهديد بقتلهم إكراهاً أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يكون إكراهاً لثبوت المحرم كالوالدين .
والوجه الثاني : لا يكون إكراهاً لعدم البعضية كالأبعدين ، فهذا حكم التهديد بالقتل .