الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص230
والإكراه على الإقرار بالإسلام إنما هو إكراه على التزام أحكامه ، قبل الإقرار من فعل الصلاة وأداء الزكاة . وهذا ظلم فاستوى حكم الإكراه على الإقرار بالإسلام ، والإكراه على فعل الإسلام في حق الذمي لكونهما ظلماً فلم يصحا وافترق حكم الإكراه على الإقرار بالإسلام ، والإكراه على الإسلام في حق الحربي ، لأن الإقرار ظلم فلم يصح ، وفعل الإسلام حق فصح ، فإن وجب ما ذكرناه أن يستوي في الطلاق حكم الإقرار والإيقاع ، لأن كل واحد منهما ظلم ، فوجب أن لا يقعا .
وقياس ثان : وهو أن الإكراه معنى يزيل حكم الإقرار بالطلاق ، فوجب أن يزيل حكم إيقاع الطلاق كالجنون والنوم والصغر .
وقياس ثالث : أنه لفظ يتعلق به الفرق بين الزوجين ، فوجب أن لا يصح إذا حمل عليه فيه حق ، أصله الإكراه على كلمة الكفر .
قياس رابع : أنه قول في أحد طرفي النكاح فوجب أن لا يصح مع الإكراه كالنكاح .
وقياس خامس : أن كل بضع لم يملك بلفظ المكره ، لم يحرم بقول المكره ، كالإيماء في البيع والشراء .
فأما الجواب عن الآية فهو انه قال : ( فإن طلقها ) ، والمكره عندنا غير مطلق ، ولو صح دخوله في عمومها لكان مخصوصاً بما ذكرنا .
وأما الجواب عن قول النبي ( ص ) : ( كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه والصبي ) . فمن وجهين :
أحدهما : أنه محمول على حال الاختيار .
والثاني : أن في استثناء الصبي والمعتوه لفقد القصد منها تنبيه على إلحاق المكره بهما .
وأما الجواب عن قوله ( ص ) ( ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ) ، فهو أننا نقول بموجبه ونجعل الجد والهزل في وقوع الطلاق سواء ، والمكره ليس بجاد ولا هازل ، فخرج عنها كالمجنون ، لأن الجاد قاصد اللفظ مريد للفرقة والهازل قاصد للفظ غير مريد للفرقة والمكره غير قاصد للفظ ولا مريد للفرقة .
وأما الجواب عن قوله ( ص ) : ( لا إقالة في الطلاق ) فمن وجهين :
أحدهما : أن الرجل أقر بالطلاق وادعى الأكراه فألزمه إقراره ، ولم تقبل دعواه .
والثاني : أنه يجوز أن يكون رأى من جلده وضعف زوجته ما لا يكون به مكرهاً فألزمه الطلاق . وأما قياسهم على المختار فالمعنى فيه صحة إقراره ، والمكره لا يصح