الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص227
ولو قيل له : أتطلق امرأتك هذه ؟ فقال : نعم ، كان موعداً بالطلاق لا يلزمه الطلاق إلا أن يستأنف إيقاعه من بعد .
ولو قيل له : أهذه زوجتك ، فقال لا ، كان هذا إنكاراً ، لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه فيصير كناية فيه ، فهذا أصح ما قيل في هذا الفصل ، وإن خبط أصحابنا فيه خبط عشواء .
أحدها : أن يعرف معناه فيلزمه الطلاق ، سواء أراده أو لم يرده كالعربي .
والحال الثانية : أن لا يعرف معناه ولا يريد موجبه عند أهل العربية ، فلا طلاق عليه ، ويصير ذلك من كلامه لغواً .
والحال الثالثة : أن لا يعرف معناه ، ولكنه يريد موجبة عند أهل العربية ، فالذي ذكره أبو حامد الإسفراييني وحكاه عن أصحابنا أنه لا يلزمه الطلاق ، حتى يعرف معنى اللفظ ، لأنه موجب للطلاق .
وعندي أن الطلاق لازم له ، لأنه قد أراد موجب اللفظ ، وإن لم يعرف معناه لأن الطلاق يقع بمجرد اللفظ ، إذا كان المتكلم به من أهل الإرادة ، وإن لم يكن له فيه إرادة ، لأنه وإن لم يعرف معناه فقد كان يقدر على تعرف معناه ، ولأننا لو أسقطنا عنه الطلاق ، لسوينا بين أن يريد موجبه أو لا يريد ، وهما لا يستويان . وهكذا العربي إذا طلق بصريح الأعجمية ، وهو لا يعرف معناها ، كان على هذه الأقسام الثلاثة .
فلو أن زوجة الأعجمي ادعت عليه انه يعرف معنى الطلاق بالعربية ، كان القول فيه قول الزوج مع يمينه ، وكذلك زوجة العربي لو ادعت عليه انه يعرف الطلاق بالأعجمية ، كان القول قوله مع يمينه .
قال الماوردي : أما المغلوب على عقله بجنون أو مرض فلا يقع طلاقه ولا يصح عقده .
وأما المكره على الطلاق إذا تلفظ به كرهاً غير مختار لم يقع طلاقه ولا عتقه ولم تصح عقوده ، وسواء كان ذلك مما لا يلحقه الفسخ كالطلاق أو العتق أو كان مما لا يلحقه الفسخ ، كالنكاح والبيع ، وبه قال مالك وأكثر الفقهاء .
وقال أبو حنيفة : إن كان مما يلحقه الفسخ كالنكاح والبيع لم يصح من المكره ، وإن كان مما لا يلحقه الفسخ كالطلاق والعتق صح من المكره كما يصح من المختار