الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص224
أحدهما : أن الناجز أصل وهو أقوى ، والمعلق بالصفة فرع وهو أضعف ، فلم يجز أن يكون أضعفهما رافعاً لأقواهما .
والثاني : أن طلاق الصفة لا يقع إلا بعد وقوع الناجز ، والطلاق لا يرتفع بعد وقوعه .
والوجه الثالث : وهو قول بعض المتأخرين أنها تطلق ثلاثاً الواحدة الناجزة وثنتين من الثلاث المعلقة بالصفة ، ولا يكون امتناع وقوع الثالثة لأنها في حق المطلقة رابعة مانعاً من وقوع ما سواها إذا كان وقوعه ممكنا ، كمن قال لزوجته : إذا دخلت الدار فأنت طالق أربعا طلقت بدخول الدار ثلاثاً ، ولم يكن امتناع وقوع الرابعة مانعاً من وقوع الثلاث كذلك في مسألتنا .
ولهذا القول وجه ، فأما إذا قال لها : إن طلقتك ثلاثاً فأنت طالق قبلها ثلاثاً ، فإن طلقها طلقة أو طلقتين طلقت ما أوقعه عليها من ناجز الطلاق من واحدة أو اثنتين ، فإن طلقها ثلاثا فعلى مذهب المزني ومن تابعه لا تطلق شيئاً ، لا من ناجز الطلاق ولا المعلق بالصفة لتدفع الطلاقين .
وعلى مذهب أبي العباس بن سريج وابن أبي هريرة تقع الثلاث الناجزة ، لأنها أثبت الطلاقين وأقواهما فلو قال : كلما طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثاً ، فعلى قول المزني : فلا يقع عليها طلاق قط ، لأن وقوعه يقتضي وقوع ثلاثة قبله ووقع ثلاثة قبله تمنع من وقوع ما بعده . وعلى قول أبي العباس بن سريج وابن أبي هريرة يسقط حكم الثلاث المعلقة بالصفة ، لأن ثبوتها يؤدي إلى أن لا يلحقها طلاق أبداً ، وهذا مدفوع في الزوجات مع بقاء نكاحهن فبطل ، ووقع عليها ما استأنفه من الطلاق والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن قوله طلاقاً مصدر مشتق من اسم الطلاق ولا مدخل له في زيادة العدد كما قال الله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليماً ) [ النساء : 164 ] . ولأن قوله طلاقاً صفة لقوله أنت طالق ، فجرى مجرى قوله طلاقاً حسناً ، وهكذا أنت طالق تطليقاً لم يلزمه إلا واحدة ، وهذا كله ما لم تكن له نية في زيادة العدد .
فإن أراد بقوله : أنت طالق طلاقاً أو أنت طالق تطليقاً ثنتين لزمه ثنتان ، وإن أراد به ثلاثاً ، لزمه ثلاث ، لأنه لو أراد بمجرد قوله : أنت طالق ، ثنتين أو ثلاثاً لزمه ما