الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص218
والتي يحث بها على فعل ، أن يقول : إن لم تدخلي الدار فأنت طالق .
والتي قصد بها التصديف على فعل ، أن يقول : إن لم أكن دخلت الدار ، فأنت طالق فهذا كله حلف بالطلاق ، فلو قال لها : إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ، إن دخلت الدار فأنت طالق ، حنث وطلقت منه ؛ لأنه قد حلف بطلاقها ، فإن كانت غير مدخول بها لم تطلق ، بدخول الدار ؛ لأنها قد بانت بالأولى ، وإن كانت مدخولاً بها ، طلقت ثانية بدخولها ، فلو قال لها : إن دخل زيد الدار فأنت طالق ، فإن كان زيد ممن يطيعه ، ويمتنع من الدخول بقوله فهي يمين بالطلاق وإن كان زيد سلطانا أو ذا قدرة لا بطبعه ولا يمتنع من الدخول بقوله ، فهو طلاق بصفة ، وليس بيمين ، هذا مذهبنا ، وقال أبو حنيفة : كل هذا يمين كالطلاق ، إلا في ثلاثة أشياء ، أحدها أن يقول لها : أنت طالق إذا حضت ، أو أنت طالق إذا طهرت ، أو أنت طالق إذا شئت ؛ لأن المقصود بقوله إذا حضت أو طهرت ، أن يوقعه للسنة والبدعة ، والمقصود بقوله إن شئت التمليك الذي يراعي فيه الرد والقبول . فأما إذا قال : إذا جاء رأس الشهر ، أو إذا طلعت الشمس ، فأنت طالق فإنها يمين بالطلاق ؛ لأنه تعليق طلاق بصفة ، فأشبه قوله : إن دخلت الدار . وهذا خطأ ؛ لأن اليمين ما قصد بها المنع من شيء ، أو الحث على شيء ، أو التصديق على شيء ، وما خرج عن هذا فليس بيمين كقوله : إذا حضت أو طهرت .
فرع : وإذا كان له زوجتان مدخول بها وغير مدخول بها ، فقال لهما : إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ثم أعاده ثانية ، فقال : إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ، حنث وطلقت كل واحدة منهما واحدة ، إلا أن طلاق غير المدخول بها بائن ، وطلاق المدخول بها رجعي .
فإن أعاد ذلك ثالثة ، فقال : إن حلفت بطلاقكما فأنتما طالقتان ، لم تطلق واحدة منهما أما غير المدخول بها ، فلأنها قد بانت ، وأما المدخول بها فلأن وقوع الطلاق عليها ، بأن يكون حالفا بطلاقها ، وهو غير حالف بطلاق غير المدخول بها ؛ لأن بعد بينونتها لا يكون حالفاً بطلاقها .