پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص216

مثله لا يكلم ، وكذلك لو كلمته وهو ميت ، والنائم والميت لا يكلمان ، فإن الله تعالى يقول : ( فإنك لا تسمع الموتى ) [ الروم : 52 ] .

فإن قيل : فقد وقف رسول الله ( ص ) على قتلى بدر ، وهم في القليب فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ، قيل : يا رسول الله أتكلم أمواتا لا يسمعون ، فقال : إنهم لأسمع منكم ، ولكنه لا يؤذن لهم في الجواب ، فصار الميت ممن يجوز أن يكلم ، فاقتضى أن يقع الحنث بكلامها له ميتاً .

قيل : هذا هو الحجة على أن الميت لا يكلم ؛ لأنهم أنكروا كلامه لهم ، ولو كان الميت مكلماً ما أنكروه ، وقد يجوز أن يكون الله تعالى ، رد أرواحهم إليه ، حين كلمهم معجزة خص بها رسوله ( ص ) كما يعيد أرواحهم لسائله منكر ونكير ، ولو كلمته وهو سكران لا يشعر بالكلام ولا يسمعه ، لم يحنث ؛ لأنه مثله لا يكلم كالنائم والمجنون .

( فصل : )

ولو كاتبته ، لم يحنث ؛ لأن الكتابة لا تكون كلاماً ، وإن قامت في الإفهام مقام الكلام ، وهكذا لو راسلته لم يحنث ؛ لأن الرسول هو المتكلم دونها ، وإن كان مبلغاً عنها ، ولو أشارت إليه بالكلام إشارة فهم بها مرادها ، فإن كان ناطقاً سميعاً ، لم يحنث بإشارتها إليه ، قال الله تعالى : ( آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً ، فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشياً ) [ مريم : 10 ، 11 ] فلم يجعل الإشارة كلاماً ، وإن قامت مقامه في الإفهام ، وإن كان زيد أصم لا يسمع الكلام إلا بالإشارة ففي حنثه ، بإشارتها إليه قولان :

أحدهما : لا يحنث ؛ لأن الإشارة ليست كلاماً .

والوجه الثاني : يحنث ؛ لأنه هكذا يكلم الأصم ، ولو كلمت رجلاً آخر كلاماً سمعه زيد ؛ لم يحنث ؛ لأنها مكلمة لغيره ، ولو كلمت الحائط كلاما لم يسمعه إلا زيد ففي حنثه وجهان :

أحدهما : لا يحنث كما لو كلمت غيره فسمعه . والوجه الثاني : يحنث ؛ لأن الحائط لا يكلم ، فصار الكلام متوجهاً إلى من يجوز أن يكلم ولو سلمت على جماعة وفيهم زيد فإن لم تعزله بنيتها حنث ، وإن عزلته بنيتها ففي حنثه وجهان .