پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص213

والضرب الثاني : أن يقصد الحالف يمينه منع زيد من القدوم ؛ لأنه ممن يقبل قوله أو يتمثل أمره فهذه يمين محضة ، وفي وقوع الطلاق بها بقدوم زيد من غير قصد ولا علم قولان ، من حنث الناس في قول البغداديين .

وقال البصريون من أصحابنا : يحنث قولاً واحداً ، لأن القصد إنما يراعى في فعل الحالف لا في فعل المحلوف عليه ؛ لأن الحالف لا بد أن يكون ذا قصد ، فجاز أن ويراعى القصد في أفعاله ، وقد يجوز أن يكون المحلوف عليه ، غير ذي قصد ، فلم يراع القصد في أفعاله والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( ولو قال إذا رأيته فرأته في تلك الحال حنث ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ لأنه قال : إذا رأيت زيداً فأنت طالق ، فقد علق طلاقها برؤيتها لزيد ، فإذا رأته ميتاً أو رأته مجنوناً أو مكرهاً محمولاً ، وقع الطلاق لوجود الرؤية منها ، فحصلت صفة الحنث ، ووقع بها الطلاق فلو كان زيد في مقابلة مرآة ، فاطلقت في المرآة صورة زيد فيها ، أو أطلعت في الماء ، وزيد في مقابلة الماء ، فرأت صورته فيه ، لم تطلق ؛ لأنها لم تره ، وإنما رأت مثاله ، وصار كرؤيتها لزيد في المنام فإنه لا يقع بها طلاق .

فإن رأت زيداً من وراء زجاج شفاف ، لا يمنع من مشاهدة ما وراءه فإن كان حائلاً وقع الطلاق بخلاف رؤيته في المرأة ، لأنها رأت ها هنا جسم زيد ، ورأت في المرآة مثال زيد ولا يكون الزجاج الحائل مع وجود الرؤية من ورائه ، مانعاً له منها .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( ولو حلف لا تأخذ مالك علي فأجبره السلطان فأخذ منه المال حنث ولو قال لا أعطيك لم يحنث ) .

قال الماوردي : ولهذه المسألة مقدمة ، وهي فمن حلف على نفي فعل ، فوجد الفعل بغير قصد ولا اختيار ، إما على وجه الإكراه وإما على وجه النسيان .

فاليمين على ضربين :

أحدهما : أن تكون معقودة على نفي فعل الحالف .

والثاني : أن تكون معقودة على نفي فعل غير الحالف ، فإن كانت على نفي فعل ، الحالف فصورتها في الطلاق ، إن دخلت الدار فأنت طالق ، فهل يكون قصد الدخول معتبراً في حنثه أم لا ؟ على قولين : وإن كانت على نفي فعل غيره فهو أن يقول إن دخل زيد الدار فأنت طالق ، اختلف أصحابنا فيه فذهب البغداديون منهم إلى أن قصد زيد للدخول هل يكون معتبراً في الحنث أم لا ؟ على قولين كما يكون في فعل الحالف على قولين .