الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص211
والفرق الثاني : وهو فرق أبي القاسم الداركي : أن إذا مستعمل في الأوقات ، وإن مستعمل في الأفعال الا ترى لو قال رجل : متى تأتيني ، يحسن في جوابه ، أن تقول إذا شئت ، . ومتى شئت ولم يحسن في الجواب أن تقول : إن شئت ، فإذا قال : إن لم أطلقك فأنت طالق ، كان على الفور ؛ لأن وقت المكنة قد مضى .
والفرق الثالث وهو فرق أبي الحسن الفرضي ، أن إذا اسم فكان أقوى عملاً ، فلذلك كان على الفور ، وإن حرف فكان أضعف عملاً ، فلذلك كان على التراخي .
( فصل : )
فإذا تقرر ما ذكرنا من الفرق بين إذا وإن ، فقال لها : إذا لم أطلقك فأنت طالق ، فمتى أمسك عن طلاقها ، بعد هذا القول ، زمنا يمكنه أن يطلقها فيه بأن يقول : أنت طالق فقد طلقت ، إلا أن يموت أحدهما عقيب كلامه في الحال من غير فصل يمكنه إيقاع طلاقها فيه فلا يطلق لأن زمان المكنة لم يوجد ، والطلاق بعد الموت لا يقع ، ولو قال : إن لم أطلقك فأنت طالق ، لم تطلق إلا أن يفوته طلاقها بموته أو موتها ، فتطلق حينئذ ثم ينظر ، فإن فات الطلاق بموتها ، وقع الطلاق قبل موتها بزمان يضيق عن قوله فيه أنت طالق ، ولا ميراث له منها إن كان الطلاق ثلاثاً ، وله الميراث إن كان دونها ، وإن فات الطلاق بموته وقع الطلاق قبل وقته في آخر زمان قدرته ، إذا ضاق عن قوله فيه ، أنت طالق ، فوقع الطلاق بموته قبل زمان قدرته وبموتها قبل زمان الموت ؛ لأن الطلاق من جهته ، فروعي فيه آخر أوقات الموت ، إلا أن الموت يعرف آخر أوقات القدرة ، وتكون كالمبتوتة في المرض فترثه ، وإن كان الطلاق ثلاثاً على قول من يورث المبتوتة ، فإن قيل : فإذا وجب وقوع الطلاق بالموت ، فهلا منعتم من وقوعه ، كما لو قال لها : إذا مت فأنت طالق فمات لم تطلق ، قيل : لأن تعليق الطلاق بالموت توجد فيه الصفة بعد زوال ملكه بالموت فلذلك لم يقع . وليس كذلك في مسألتنا ؛ لأنها صفة توجد في حال الحياة ، وإن علم فواتها بالموت فلذلك وقع .
( فصل : )
ثم يتفرع على هذه المسألة ، أن يقول لها : كلما لم أطلقك فأنت طالق ، فإذا مضى عليها بعد هذا القول ثلاثة أوقات ، يمكنه في كل وقت منها ، أن يقول لها فيه : أنت طالق فقد طلقت ثلاثاً لان كلما موضوع للتكرار ، فإذا مضى الوقت الأول ، طلقت واحدة ، ثم إذا مضى الوقت الثاني وهي مدخول بها طلقت ثانية ، فإذا مضى الوقت الثالث طلقت ثلاثاً ، ولو كانت غير مدخول بها لم تطلق إلا واحدة ، لأنها قد بانت بها ، وهكذا لو كانت مدخولاً بها ، ووضعت حملها بعد الوقت الأول ، وقبل دخول الوقت الثاني ، لم تطلق غير الأولى ؛ لأنها قد بانت بعدها بوضع الحمل فلم يقع عليها طلاق ، ولو كانت مدخولاً بها فخالعها في الوقت الأول ، طلقت بالخلع دون الحنث ، ولا يقع عليها بدخول الوقت الثاني والثالث طلاق ؛ لأن المختلعة بائن لا يلحقها طلاق .