پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص210

أحدهما : وهو خمسة ألفاظ تصير بدخول لم عليها ، موجبة للفور ، وإن كانت قبل دخولها موجبة للتراخي ، وهي متى ، ومتى ما ، وأي وقت ، وأي زمان ، وأي حين ، فإذا قال : متى لم تدخلي الدار ، فأنت طالق أو متى ما لم تدخلي الدار ، أو أي وقت لم تدخلي ، أو أي زمان لم تدخلي أو أي حين لم تدخلي الدار ، فأنت طالق فإنها تكون على الفور فمتى مر عليها بعد هذا القول زمان يمكن دخول الدار فيه فلم تدخل طلقت ، وإنما اختلف حكمها بدخول لم عليها ؛ لأن إذا تجردت عن لم ، فالطلاق مشروط بوجود الصفة .

ففي أي زمان وجدت وقع بها الطلاق ، فصارت على التراخي ، وإذا أدخل عليها لم الموضوعة للنفي ، صار الطلاق مشروطاً بعد الصفة ، وهي معدومة في أول زمان المكنة ، فلذلك صارت على الفور ووقع الطلاق .

والقسم الثاني : وهما للفظتان : إن وإذا ، إذا دخل عليهما لم الموضوعة للنفي ، فالذي نص عليه الشافعي ، ونقله المزني ها هنا ، أنه إذا قال : أنت طالق إذا لم أطلقك ، أو متى ما لم أطلقك فسكت مدة يمكنه فيها الطلاق ، طلقت فحصل ذلك على الفور ، ولو كان قال : إن لم أطلقك لم يحنث حتى يعلم انه لا يطلقها بموته ، أو موتها فجعل ذلك على التراخي ، وفرق بين إذا وإن ، فلا وجه لتسوية أبي علي بن أبي هريرة بينهما ، لمخالفة النص وظهور الفرق .

وأما أبو حنيفة : سوى بين إذا وأن ، في هذا الموضع في أنها على التراخي ، لا يقع طلاق الحنث إلا أن يفوت طلاق المباشرة بالموت فجعل حكم إذا عنده كحكم إن عندنا .

وما قاله الشافعي من أن إذا في هذا الموضع على الفور وإن على التراخي .

والفرق بينهما من ثلاثة أوجه :

أحدها : وهو فرق أبي حامد المروزي أن إذا موضوع لليقين والتحقيق وإن موضع للشك والتوهم لأنه يحسن أن يقال : إذا جاء يوم الجمعة جئتك ، ولا يحسن أن يقال : إن جاء يوم الجمعة جئتك ؛ لأن مجيء يوم الجمعة يقين وليس بمشكوك فيه ، ويحسن أن يقال إن جاء المطر في يوم الجمعة أقمت ، ولا يحسن أن يقال : إذا جاء المطر في يوم الجمعة أقمت ؛ لأن مجيء المطر فيه شك وتوهم ليس بيقين ، ولذلك قال : ( إذا الشمس كورت ) [ التكوير : 1 ] لأن تكويرها يقين ، فلما كان إذا مستعملاً في اليقين والتحقيق ، فإذا مضى زمان المكنة ، استقر حكمه ، فصار على الفور ، ولما كان إن مستعملا في الشك والتوهم ، لم يستقر حكمه إلا بالفوات ، فصار على التراخي .