پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص199

الأم ، ونقله المزني إلى هذا الموضع ، أن الطلاق واقع ، لأنه أوقع الطلاق على صفة مستحيلة ، فوقع الطلاق وألغيت الصفة ، كما لو قال : لمن لا سنة في طلاقها ولا بدعة أنت للسنة أو للبدعة طلقت في الحال من غير اعتبار سنة ولا بدعة .

قال الربيع : وفيها قول آخر ؛ أنه لا طلاق عليه ، واختلف أصحابنا فيه ، فكان أبو علي بن خيران يجعله قولاً ثانياً للشافعي تعليلاً بأن تعليق الطلاق بالصفات المستحيلة لا يوجب وقوعه وإلغاء الصفة ، كما لو قال : أنت طالق إن صعدت السماء ، أو شربت ماء البحر لم يقع الطلاق عليها لاستحالة صعود السماء وشرب ماء البحر كذلك قوله أنت طالق في الشهر الماضي لا يجب وقوعه في الحال لاستحالة وقوعه في الشهر الماضي .

وذهب سائر أصحابنا إلى انه مذهب للربيع ، وليس بقول للشافعي ، وفرقوا بين المسألتين أن استحالة صعود السماء وشرب ماء البحر ، لأنه بخلاف العادة لا أنه غير داخل في القدرة ، فلذلك صار صفة معتبرة لا يقع الطلاق بإلغائها ، وإيقاع الطلاق الحادث في الزمان الماضي مستحيل لخروجه عن القدرة ، فصار الصفة فيه ملغاة ، والطلاق فيه واقعاً ، على أن من أصحابنا من جمع بين المسألتين وأوقع الطلاق ، إذا علقه بصعود السماء وشرب ماء البحر ، لاستحالته كما إذا علقه بالشهر الماضي ، والصحيح أن لا يقع ، وإن كان بينهما فرق فهو ما تقدم .

( فصل : )

فصل ولو قال لها : إذا قدم زيد فأنت طالق قبله بشهر ، فإن قدم زيد بعد شهر ، طلقت قبل قدومه بشهر ؛ لأنه طلاق يقع بعد عقده ، وإن قدم زيد قبل شهر فمن أصحابنا من يجعل وقوع الطلاق على ما قدمناه من قول الشافعي والربيع ، لأنه طلاق أوقعه قبل عقده ، وذهب سائر أصحابنا إلى أن الطلاق لا يقع ها هنا ، قولاً واحداً .

والفرق بينهما أنه قد كان وجود الشرط ها هنا ممكناً لا يستحيل ، فوجب اعتباره ووجوده فيما تقدم مستحيل ، فسقط اعتباره فعلى هذا لو قال أنت طالق قبل موتي بشهر ، فمات بعد شهر ، طلقت قبل موته بشهر ؛ لوجود الشرط بعد العقد ، ولو مات قبل شهر بلم تطلق ؛ لتقدم الشرط على العقد .

وعلى هذا لو كانت المسألة بحالها فماتت ثم مات بعدها ، فلا يقع الطلاق عليها ، إلا أن تموت بعد شهر ، ويكون موتها قبله لأقل من شهر ، ليكون الشرط مصادفاً لحياتها ، فإن ماتت قبله لأكثر من شهر لم يصح الطلاق ، لمصادفة الشرط بعد موتها ، والطلاق لا يقع بعد الموت ، وهكذا لو ماتت قبله بشهر سواء لم يقع الطلاق ؛ لأنه لا يقع عليها مع الموت ، كما لا يقع الطلاق عليها بعد الموت .