پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص198

( فصل : )

فلو قال : أردت بقولي إذا مضت سنة فأنت طالق السنة العددية ، التي هي استكمال ثلثمائة وستين يوماً ، دين في الفتيا دون الحكم ، ولو قال : أردت السنة الشمسية التي هي ثلثمائة وخمس وستون يوماً ترجع الشمس بعدها ، إلى البرج الذي طلعت منه ، دين في الفتيا دون الحكم ، لأن إطلاق التسمية في الشرع يوجب حمله في الحكم على السنة الهلالية ، دون العددية والشمسية لما ذكرنا ، فلم يقبل في ظاهر الحكم ، لما فيه من زيادة الأجل ، ودين في الفتيا لاحتماله .

ولو قال : أردت سنة التأريخ ، التي أولها مستهل المحرم ، وآخرها منسلخ ذي الحجة ، قبل منه في الفتيا والحكم ، لأنه أضر به وأقضى لأجله .

فلو وقال : إذا مضت السنة فأنت طالق حمل على ظاهر الحكم على سنة التأريخ ، لأنها معهودة فإذا انقضت بانسلاخ ذي الحجة لزمه الطلاق ، كان الباقي منها قليلاً أو كثيراً ، فلو قال : أردت كمال سنة الأهلة دين في الفتيا ، دون الحكم والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( ولو قال لها أنت طالق الشهر الماضي طلقت مكانها وإيقاعه الطلاق الآن في وقت مضى محال ) .

قال الماوردي : اعلم أن قوله لها : أنت طالق الشهر الماضي ، وأنت طالق أمس ، ينقسم ثلاثة أقسام :

أحدها : أنه يريد بذلك أنه يطلقها في الشهر الماضي طلاقاً يوقعه الآن فهذا محال ، ولا طلاق عليه ، لأن ما مضى من النهار غير مستدرك .

والقسم الثاني : أن يريد بذلك أنه يطلقها الآن طلاقاً يقع عليها في الشهر الماضي ، فالطلاق واقع ، والفرق بينهما أنه في هذا القسم ، وقوع الطلاق في الوقت فوقع ، ولم يرد في القسم الأول وقوع الطلاق في الوقت فلم يقع ، وإذا وقع الطلاق في هذا القسم فهو واقع لوقته ، ولا يتقدم حكمه في الشهر الماضي .

وقال أبو حنيفة : هو متقدم الحكم ، فيكون واقعاً للشهر الماضي ، استدلالاً ، بأنه لو علقه بوقت مستقبل لم يتقدمه ، فوجب إذا علقه بوقت ماض أن لا يتأخر عنه ، وهذا فاسد ، لأن الطلاق إذا علق بشرط صح في المستقبل ، ولم يصح في الماضي ، لأنه يصح إيجاد الفعل فيما يستقبل ولا يصح إيجاده فيما مضى ، ولذلك صح الأمر ، فالأفعال المستقبلة دون الماضية ، وصار منها خبراً ، ولم يكن أمراً .

والقسم الثالث : أن يقول ذلك ولا إرادة له ، والذي نص عليه الشافعي في كتاب