الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص196
أحدهما : لا تطلق واحدة ، لأنها يقين .
والثاني : تطلق تطليقتين واحدة في اليوم ، وأخرى في غير تسوية بين حكم اليومين ، وأن بعض التطليقة يوم مقام التطليقة ، لوجوب تكميلها بالشرع .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا قال : إذا رأيت هلال شهر رمضان فأنت طالق ، فإن رآه جميع الناس طلقت إجماعاً ، وإن رآه الناس دونه طلقت عندنا ، وقال أبو حنيفة : لا تطلق متى تراه بنفسه ، لأن تعليق الحنث برؤيته لا يوجب وقوعه برؤية غيره ، كما لو قال : إذا رأيت زيداً فأنت طالق ، فرآه غيره ، لم تطلق ، وهذا فاسد ، لأن الشرع قد قرر أن رؤية غيره للهلال كرؤيتة ، لقول النبي ( ص ) : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .
ثم عليه أن يصوم ويفطر برؤية غيره ، فوجب أن يكون إطلاق رؤية الشهر محمولاً على ما قيده الشرع وليس كذلك ، إذا علقه برؤية زيد ، لأن الشرع ما جعل رؤية الغير له كرؤيته ، فعلى هذا لو قال : أردت رؤية نفس ، دين فيما بينه وبين الله تعالى ، على ما نوى ، ولم يحنث إلا برؤية نفسه وحنث في ظاهر الحكم برؤية غيره ، فلو رآه وقد أراد رؤية نفسه في نهار آخر يوم من شعبان قبل غروب شمسه ، ففي حنثه وجهان :
أحدهما : يحنث ، لأنه هلال شهر رمضان وإن تقدمه .
والوجه الثاني : وقد أشار إليه الشافعي في الأم ، أنه لا يحنث ، لأن هلال الشهر ما كان مرئياً فيه ، فلو لم ير هلال رمضان في أوله حتى صار قمراً ففيه وجهان : أحدهما : يحنث تغليباً للإشارة ، إلا أن يريد حقيقة الاسم .
والوجه الثاني : لا يحنث اعتباراً بحقيقة الاسم إلا أن يريد الإشارة ، واختلفوا متى يصير الهلال قمراً ، فقال قوم : يصير قمراً بعد ثلاث .
وقال آخرون : إذا استدار .
وقال آخرون : إذا بهر ضوؤه ، والله أعلم .