الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص188
ولو قال : أنت علي حرام كظهر أمي ، ولا نية له ، كان مظاهراً ولم تلزمه بالتحريم كفارة ، لأنه قد تفسر إطلاقه ، بقوله : كظهر أمي ، فيكون ظهاراً ، ولا يكون طلاقاً .
والثاني : أن يريد ، الطلاق بقوله : أنت علي حرام ، فيكون مطلقاً مظاهراً .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الألفاظ في الطلاق تنقسم ثلاثة أقسام : صريح وقد مضى ، وكناية وقد تقدم ، وما ليس بصريح ولا كناية ، وهو هذا ، كقوله : أطعميني أو اسقيني أو زوديني وما أحسن عشرتك وما اظهر أخلاقك ، وما جرى مجرى هذه الألفاظ التي توضع للفرقة ولا تتضمن معنى البعد ، فلا يقع بها الطلاق ، سواء نواه أو لم ينوه ، لأن الطلاق لوقوع بما لا يتضمن معنى الفرقة ، لوقع بمجرد النية ، وقد رددنا على مالك في إيقاعه الطلاق بمجرد النية ، في إحدى الروايتين عنه ، وهو قول محمد بن سيرين .
فأما إذا قال لها : اطعمي أو اشربي ، كان كناية يقع به الطلاق ، إذا نواه .
وقال أبو إسحاق المروزي : لا يكون كناية كما قال أطعميني واسقيني ، وهذا فاسد لأن قوله اطعمني واشربي ، يتضمن معنى البعد ، لأن معناه اطعمي مالك واشربي شرابك وهي تفعل ذلك في الأغلب ، إذا خلت من زوج ، وقوله : اطعميني واسقيني ، إذناً لها وتقريب ، فجرى هذا مجرى قوله اقري ، وليس بكناية وجرى ذلك مجرى قوله اذهبي ، وهي كناية ، ولو قال : تجرعي وتفصصي ، كان كناية ، وافق عليه أبو إسحاق ، ولو قال : جرعيني وغصصيني كان فيه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : لا يكون كناية ، كما لو قال : اطعميني واسقيني .
والثاني : يكون كناية ، لأن معناه جرعني فرقاك ، وغصصتيني لبعادك ، ولو قال لها : بارك الله فيك ، لا يكون كناية ولو قال : بارك الله لك ، كان كناية ، والفرق بينهما ما ذكرناه .
والوجه الثاني : تكون كناية ، لأنها في نفسها لا تكون طلاقاً ، وإنما يقع الطلاق