الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص186
وأما إذا حرمهن غير مريد لتحريم وطئهن ، ففي وجوب الكفارة قولان : على ما مضى :
أحدهما : لا كفارة فيه ، ويكون لفظ التحريم كناية في وجوب الكفارة ، لا يتعلق به مع فقد الإرادة حكم .
والقول الثاني : أنه صريح في وجوب الكفارة مع فقد الإرادة ، فيجب عليه به الكفارة . واختلف أصحابنا فيما يلزمه منها ، فمذهب جمهورهم إلى أنها على قولين كما لو أراد به تحريم وطئهن :
أحدهما : كفارة واحدة .
والثاني : بأعدادهن .
وقال أبو علي بن أبي هريرة : لا تجب عليه كفارة واحدة ، قولاً واحداً ، وفرق بينهما بأنه في إرادة التحريم ، يحرم لكل واحدة منهن ، فجاز اعتبار الكفارة بأعدادهن ، ومع فقد الإرادة ، فالحكم في الكفارة متعلق باللفظ دونهن ، فلم يكن لاعتبار عددهن وجه ، فلزمه كفارة واحدة ، والله أعلم .
قال الماوردي : إنما أراد الشافعي بهذا ، وأن جوز تقديم الكفارة في تحريم الوطئ .
الفرق بينه ونين الظهار لأنه في الظهار تجب عليه تقديم الكفارة على الوطء ، ويعصي الله تعالى إن أخرها ، لقول الله تعالى : ( فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ) [ المجادلة : 3 ] ويجوز له في تحريم الوطء أن يقدم الإصابة ويؤخر الكفارة ، وإن تقدم وجوبها على الإصابة ، وجاز تعجيلها لأنها غير مقيدة بشرط .