پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص181

( مسألة : )

قال الشافعي : ( ولو طلق بلسانه واستثنى بقلبه لزمه الطلاق ولم يكن الاستثناء إلا بلسانه ) .

قال الماوردي : أعلم أن الاستثناء في الطلاق على ثلاثة أضرب :

أحدها : ما يصح مضمراً ، مظهراً . والثاني : ما لا يصح مضمراً ، ولا مظهراً .

والثالث : ما يصح مظهراً ولا يصح مضمراً .

فأما ما يصح إظهاره وإضماره فهو ما جاز أن يكون صفة للطلاق ، أو أمكن أن يكون حالاً للمطلقة ، فالذي يجوز أن يكون صفة للطلاق مثل قوله : أنت طالق من وثاق ، أو مسرحة إلى أهلك ، أو مفارقة إلى المسجد فإن أظهره بلفظ صح وحمل عليه في الظاهر والباطن ، ولم يلزمه الطلاق ، لأنه وصفه بما يجوز أن يكون من صفاته ، في غير الطلاق فلذلك لم يقع به الطلاق ، و إن لم يظهره في لفظه وأضمره في نيته صح إضماره ، ودين فيه ولم يلزمه الطلاق في الباطن ، اعتباراً بالمضمر ، ولزمه الطلاق في الظاهر ، اعتباراً بالمظهر ، وأما الذي يمكن أن يكون حالاً للمطلقة فمثل قوله أنت طالق إلى رأس الشهر ، ولو دخلت الدار ، أو إن كلمت زيداً ، فإن أظهر ذلك بلفظه عمل عليه في الظاهر ، ولم يقع عليها الطلاق إلا على الحال التي شرطها ، وإن أضمره بقلبه ، ولم يظهره بلفظه دين فيه ، وفي الباطن فلم يلزمه الطلاق إلا بذلك الشرط ، اعتباراً بإضماره ولزمه الطلاق في ظاهر الحكم اعتباراً بإظهاره ، فهذا ضرب .

( فصل : )

وأما ما لا يصح إضماره ، ولا إظهاره ، فهو ما كان فيه إبطال ما أوقع ونفي ما أثبت ، كقوله : أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً ، أو أنت طالق إلا أنت ، فالطلاق واقع والاستثناء باطل في إظهاره باللفظ وإضماره بالقلب ، لأن وقوع الطلاق يمنع من رفعه ، لا سيما مع قول النبي ( ص ) ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق ) .

والفرق بين هذا حيث بطل وبين الضرب الأول حيث صح : أن ذاك صفة محتملة وحال ممكنة ، يبقى معها اللفظ على احتمال مجوز ، وهذا رجوع لا يحتمل ولا يجوز ، وإذا بطل هذا الاستثناء بما عللنا ، وقع الطلاق ظاهراً وباطناً .

فصل :

وأما الضرب الثالث : وهو ما يصح إظهاره ولا يصح إضماره ، فهو الاستثناء من العدد ، أو الشرط الواقع بحكم الطلاق ، فالاستثناء من العدد ، أن يقول : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين والشرط الرافع لحكم الطلاق ، أنت يقول : أنت طالق إن شاء الله ، فإن أظهره في لفظه متصلا بكلامه صح ، وكان محمولا عليه في الظاهر والباطن ، فلا يلزمه الطلاق إذا قال : إن شاء الله يقع عليها طلقة واحدة ، إذا قال : أنت طالق