الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص179
يأمره أن يطلقها للبدعة ، فإن طلقها للسنة لم تطلق ، فلو قال له : طلقها إن شئت لم يقع طلاقه حتى يقول قد شئت ولا يكون إيقاعه للطلاق مشيئة منه ، لأنه قد يوقع الطلاق بمشيئة وغير مشيئة ، والمشيئة لا تعلم إلا بالقول . وليس من شرط مشيئته الفور ، بخلاف ما لو علق الطلاق بمشيئتها ، لأن تعليقه للطلاق بمشيئتها ، تمليك فروعي فيه الفور ، وتعليقه للطلاق بمشيئته صفة ، فلم يراع فيها الفور ، ولأنه جعل إليها طلاقها إذا شاء ، فلما جاز أن يطلقها على الفور والتراخي جاز أن تكون مشيئته مع الطلاق المتراخي ، لكن من صحة مشيئته أن يخبر بها الزوج قبل طلاقه فإن أخبر بها غيره ثم طلق لم يقع ، لأنه إذا كان إخباره بها شرطاً ، كان إخبار الزوج بها أحق ، وأولى أن يكون شرطاً ، فلو قال له : طلقها إن شاءت ، روعيت مشيئتها عند عرض الوكيل الطلاق عليها ، فإنه لا يجوز أن يطلقها إلا بعد عرض الطلاق عليها وسؤالها عن مشيئتها ، فتصير حينئذ مشيئتها معتبرة على الفور ، فإن عجلها وقع الطلاق ، وإذا أوقعه الوكيل بعدها ، سواء أوقعه على الفور أو على التراخي ، فإن تراخت مشيئتها ، لم يقع الطلاق بعدها ، لفساد المشيئة .
ولو طلقها الزوج واحدة ، كانت الوكالة بحالها في الطلقتين الباقيتين ، وإن طلقها الوكيل ثلاثاً وقع منهما طلقتان ، لأنهما الباقيتان من طلاق الزوج ، بعد الواحدة التي أوقعها ولو وكله في طلاقها واحدة ثم طلقها الزوج واحدة ، لم تبطل الوكالة ما لم تنقض العدة ، فإن طلقها الوكيل واحدة في العدة ، طلقت سواء راجعها الزوج من طلقته ، أو لم يراجع ، فلو انقضت عدتها من طلقة الزوج ثم استأنف نكاحها ففي بقاء الوكالة وجواز طلاق الوكيل لها وجهان :
أحدهما : الوكالة باقية وطلاق الوكيل لها واقع .
والوجه الثاني : أن الوكالة قد بطلت وطلاقه غير واقع ، وهذان الوجهان من اختلاف قوليه في عقد الطلاق في نكاح ، هل يجوز أن يقع في غيره أم لا .