الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص177
أحدهما : أن يكون قبل افتراقهما عن مجلسهما .
والثاني : أن يكون قبل أن يحدثا ما يقطع ذلك من قول أو فعل ، فلم يختلف أصحابنا أنها متى طلقت نفسها بعد افتراقهما عن المجلس ، لم تطلق ، ومتى طلقت نفسها في المجلس بعد أن حدث تشاغل بغيره من كلام أو فعال لم تطلق .
واختلف أصحابنا هل يكون خيارها ممتداً في جميع المجلس أو يكون على الفور ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو ظاهر كلامه هاهنا ، وفي ( الإملاء ) أنه ممتد في جميع المجلس ، فمتى طلقت نفسها فيه طلقت ، وإن تراخى الزمان .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي والمحققين من أصحابنا : أنه على الفور في المجلس ، لأنه قبول تمليك ، فأشبه القبول في تمليك البيع والهبة ، وإطلاق الشافعي من محمول على هذا الشرط ، لأن أصوله مقررة عليه ، ولأنه ذكر الإجماع فيه ، أنها إذا طلقت نفسها على هذه الصفة ، كان إجماعاً ولا يكون إلا أن يتعجل على الفور من غير مهلة .
وقال مالك في إحدى روايتيه : لها أن تطلق إلى شهر ، وفي الرواية الثانية : ما لم تمكنه من وطئها ، وكلا القولين مردود ومدفوع بما ذكرنا من التعليل .
ودليلنا هو أنه تمليك للطلاق لوقوفه على قبولها ، وللمالك وبعد بذله أن يرجع فيه قبل قبوله منه ، كما يرجع في بذل الهبة والبيع ، قبل قبولهما منه ، وخالف تعليق طلاقها بدخول الدار ، لأنه لا يقف على قبولها ، وليس لها إبطال ذلك على نفسها ، فلم يكن له إبطال ذلك عليها ، وليس كالتمليك الذي لها أن تبطله على نفسها ، فكان له إبطاله عليها ، وإذا صح رجوعه كما ذكرنا ، فمتى طلقت نفسها بعد علمها برجوعه ، كان في وقوع طلاقها وجهان ، من الوكيل في القصاص إذا لم يعلم بالرجوع حتى اقتص والله أعلم .