پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص174

وأما استدلاله بدخول الدار ، فحسبنا به دليلاً ، لأنه لما كان إذا علق طلاقها صح ، بدخول الدار لم تطلق لا بوجود الدخول منها ، كذلك إذا خيرها في طلاق نفسها ، لم تطلق حتى تختار طلاق نفسها ، فإذا تقرر أن النية معتبرة منهما ، وأن الطلاق لا يقع إلا بنيتهما فلها ثلاثة أحوال :

أحدها : أن تختار نفسها .

والثانية : أن تختار زوجها .

والثالثة : أن لا يكون لها اختيار . فإن اختارت نفسها ، طلقت واحدة رجعية ، وإن اختارت زوجها أو لم يكن لها اختيار لم تطلق ، وبه قال من الصحابة : عمر وابن مسعود وابن عباس ، وقال أبو حنيفة : إن اختارت نفسها طلقت واحدة بائنة ، وإن اختارت زوجها لم تطلق ، وقال ربيعة : إن اختارت نفسها طلقت واحدة بائنة ، وإن اختارت زوجها ، طلقت واحدة رجعية ، وبه قال من الصحابة : علي بن أبي طالب ، وقال زيد بن ثابت : إن اختارت نفسها طلقت ثلاثاً ، وإن اختارت زوجها طلقت واحدة بائنة .

والدليل على أن اختيارها لزوجها لا يكون طلاقاً ، ما رواه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : لما أمر رسول الله ( ص ) بتخيير نسائه بدأ بي ، فقال : إني ذاكر لك أمراً فلا تعجلي حتى تستأمري أبويك ، ثم تلا هذه الآية : ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا ) [ الأحزاب : 28 ] الآية . فقلت في أي هذين أستأمر أبوي ، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، قالت : ثم فعل أزواج النبي ( ص ) مثل ما فعلت ، ولم يكن حين قال لهن رسول الله ، فاخترته طلاقاً من أجل أنهن اخترنه .

ومن الدليل عليه أيضا : أن اختيارها لزوجها ضد اختيارها لنفسها ، فلما طلقت باختيارها نفسها ، وجب أن لا تطلق باختيار زوجها ، لأن اختلاف الضدين يوجب اختلاف الحكمين .

والدليل على أنها تكون واحدة رجعية ، ولا تكون ثلاثاً ولا واحدة بائنة ، ما قدمناه في حكم الطلاق إذا وقع بالكناية ، وهكذا لو قال لها أمرك بيدك ، فقالت : قد اخترت نفسي أو قال لها لها : أبيني نفسك ، فقالت : قد أبنت نفسي ، وهكذا لو اختلفت الكناية منهما ، فقال لها : حرمي نفسك فقالت : قد اخترت نفسي ، أو قال لها : اختاري نفسك ، فقالت قد حرمت نفسي لم يقع الطلاق حتى ينوياه جميعاً .