پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص173

مثاله : أن يقول لها : طلقي نفسك ثلاثاً فتطلق نفسها واحدة فلا تطلق إلا واحدة ، ولو قال لها : طلقي نفسك واحدة فطلقت نفسها ثلاثاً لم تطلق إلا واحدة .

وقال أبو حنيفة : إن قال لها : طلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها واحدة لم تطلق .

وقال مالك مثل هذا وأما إن نويا العدد ولم يذكراه حملا فيه على نيتهما ، فإن اتفقا في نية العدد فنويا طلقتين أو ثلاثاً كان على ما نويا من العدد .

وقال أبو حنيفة : لا تأثير للنية في العدد ، وقد مضى الكلام معه ، فإن اختلفا في النية كان العدد محمولاً على أقل الثنتين كما لو أظهراه قولاً ، فإن نوى الزوج ثلاثاً ونوت الزوجة واحدة كانت واحدة وإن لم يذكرا عدداً ولا نوياه طلقت واحدة .

( فصل : )

وأما القسم الثاني : وهو أن يكون بذله كناية وقبولها كناية كقوله : اختاري نفسك فتقول : قد اخترت نفسي ، فلا يقع الطلاق حتى ينوياه جميعاً فإن نواه دون الزوجة أو الزوجة دون الزوج لم يقع .

وقال مالك : يقع وإن لم ينوياه ولا واحد منهما بناء على أصله في أن الكناية الظاهرة لا تفتقر إلى نية .

وقال أبو حنيفة : إذا نواه الزوج وحده وقع الطلاق وإن لم تنوه الزوجة ، استدلالاً بما روي أن الصحابة سئلوا عمن خير زوجته فقال عمر : إن اختارت نفسها فواحدة ، ولها الرجعة ، وإن اختارت زوجها فلا طلاق ، وتابعة ابن مسعود ، وابن عباس ، وقال علي بن أبي طالب – عليه السلام – إن اختارت نفسها فهي واحدة بائنة ، وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها .

وقال زيد بن ثابت : إن اختارت نفسها طلقت ثلاثاً وإن اختارت زوجها فواحدة بائنة فأوقع جميعهم الطلاق عليها باختيارها نفسها ، ولم يعتبروا النية ، فصاروا مجمعين على أن النية غير معتبرة من جهتها ، قال : ولأن تعليق الطلاق عليها لا يوجب اعتبار نيتها فيه كما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، طلقت بدخول الدار ، وإن لم ينوه كذلك في الاختيار ودليلنا هو : أنه لما كان تخيير الزوج لها كناية ، يرجع فيه إلى نية ، لاحتماله أن يكون أراد اختاري نفسك للنكاح أو الطلاق ، فوجب أن يكون اختيارها لنفسها كناية ، ترجع فيه إلى نيتها لاحتماله أن يكون اخترت نفسي لنكاحك أو طلاقك ، ألا تراها لو قالت : قد اخترت نفسي لنكاحك لم تطلق ، كذلك إذا أطلقت ، فأما استدلاله بإجماع الصحابة ، فلا دليل فيه لأنهم لم يعتبروا نية الزوج ، وهي معتبرة عندنا وعنده ، فكذلك إذا لم يعتبروا نية الزوجة ، ويكون ذلك منهم لعلمهم بوجود النية منهما .