پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص171

( مسألة : )

قال الشافعي رضي الله عنه : ( وإن شهد عليه أن هذا خطه لم يلزمه حتى يقر به ) .

قال الماوردي : وصورتها أن تدعى المرأة على زوجها ، أنه كتب إليها بطلاقها ، وتحضر كتاباً بالطلاق تدعي انه كتابه وينكر أن يكون كتابه ، فإن لم تصل المرأة الدعوى بأنه كتابه ، ناوياً للطلاق ، لم يحلف الزوج ، وإن وصلت دعواها ، بأنه كتب ناوياً أحلف الزوج حينئذ على إنكاره ، فإن كان منكراً للكتاب ، أحلف أنه ما كتبه وإن كان منكراً للنية ، أحلف أنه ما نوى ، وإن أحلف أنها لم تطلق منه لم يجز ، لأنه قد يكون ممن لا يعتقد وقوع الطلاق بالكتاب ، ويعتقده الحاكم فإن شهد عليه عند إنكار الكتاب شاهدان ، أنه خطه وكتابه لم تطلق ، لأن الكتابة لا يقع بها الطلاق إلا مع النية ، والشهادة وإن صحت على الكتابة فلا تصح على النية ، لأن النية تخفي والكتابة لا تخفى ، ولذلك قال الشافعي – رضي الله عنه – لم يلزمه حتى يقر به ، يعني يقر بالكتاب والنية مع كتابته ، فإن قيل فكيف تصح الشهادة على خطه ؟ قيل بأن رأياه يكتبه ، ولا تغيب الكتاب عن أعينهما حتى يشهدا به ، فإن لم يكونا رأياه ، يكتبه ولكنهما عرفا خطه لم يجز أن يشهدا به ، لأن الخط ( يشبه الخط ) ، وإن رأياه قد كتبه وغاب الكتاب عنهما لم يجز أن يشهدا به ، لجواز أن يكون مزوراً عليه فيتشبه به وهذه الشهادة لا تلزم الشاهدين ، أن يشهدا بها ، ولا الحاكم أن يستدعيهما ، لأنه لا يتعلق بها حكم .

( فصل : )

فأما الإشارة بالطلاق ، فإن كانت من الأخرس ، قامت مقام نطقه ، ووقع الطلاق بإشارته كما يقع طلاق الناطق بلفظه ، إذا كانت إشارته مفهومة ، وتكون الإشارة منه طلاقاً صريحاً وإن كانت الإشارة من ناطق ، لم يقع بها الطلاق لا صريحاً ولا كناية ، لأنه قادر على الكلام الذي هو بالطلاق أخص .

فلو قال : أنت وأشار بأصابعه الثلاث مريداً بها الطلاق لم تطلق ، لأن بقوله أنت بدء وليس بصريح في الطلاق ولا كناية ، فالإشارة بعد البدء ، لا يقع بها الطلاق ، ونية الطلاق قد تجردت عن لفظ فلم يقع بها الطلاق ، ولكن لو قال : أنت طالق كذا وأشار بإصبع واحدة طلقت واحدة ، ولو أشار بإصبعين ، طلقت طلقتين ، ولو أشار بثلاثة أصابع ، طلقت ثلاثاً ، وقامت إشارته مقام الثلاث ، مع قوله هكذا مقام نيته بالثلاث نص عليه ابن سريج ، فلو أشار بثلاث أصابع قائمة وبإصبعين معقودتين فإن أراد الثلاث القائمة طلقت ثلاثاً ، وإن أراد الإصبعين المعقودتين طلقت ثنتين ، وإن لم تكن نية ، طلقت بالثلاث أصابع ثلاثاً ، لأن فيها زيادة إشارة .