الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص169
الظهار بالكتابة فهو كالطلاق على قولين ، وأما الإيلاء بالكتابة فلا يصح قولاً واحداً ، لأن الإيلاء يمين بالله تعالى لا ينعقد بالكناية ، وأما عقد البيع والإجابة بالكتابة ، فإن قيل أن الطلاق لا يقع بهما ولا يكون كناية فيه فأولى أن لا ينعقد بها بيع ولا إجارة ، وإن قيل : إن الطلاق يقع بها ، وإنها كناية فيه ، ففي عقد البيع والإجارة بهما وجهان ، من اختلاف أصحابنا في عقد البيع والإجارة بصريح العقد وكنايته على وجهين :
أحدهما : لا تصح بالكتابة ، إذا قيل إنه لا تصح بالكنايات .
والوجه الثاني : انه تصح بالكتابة إذا قيل إنه تصح بالكنايات .
وقد حكى أبو حامد المروزي : أنه وجد نصاً عن الشافعي ، انه إذا كتب إلى رجل في بلد أني قد بعتك داري ، فيه بكذا صح البيع ، إذا قبله المكاتب إليه ، وكان له الخيار ما لم يفارق مجلسه . والله أعلم .
قال الماوردي : وإذا قد مضى الكلام ، حكم الكتابة بالطلاق إنها ليست صريحة فيه ، وفي كونها كناية قولان ، فلا يخلو حال من كتب بطلاق زوجته من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يقترن بكتابته لفظ .
والثاني : أن يقترن بها نية .
والثالث : أن تتجرد عن لفظ ونية ، فإن قارنها لفظ ، وقع الطلاق ، لأن اللفظ لو تجرد عن الكتابة وقع به الطلاق ، فإذا انضم إلى الكتابة فأولى أن يقع به ، وإن قارنها نية الطلاق ، ففي وقوع الطلاق بها قولان ، إن قيل كناية وقع الطلاق ، وإن قيل ليست كناية لم يقع ، وإن تجردت الكتابة عن قول ونية لم يقع بها الطلاق ، لأنه يحتمل أن يكون كتب حاكياً عن غيره ، أو مجرباً لخطه ، أو مرهباً لزوجته ، فإذا تقرر ما وصفنا ؛ فصورة هذه المسألة أن يكتب إلى زوجته إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق ، إما مع لفظ اقترن به فكان طلاقاً قولاً واحداً وإما مع نية اقترنت بخطه ، فكان طلاقاً في أصح القولين ، وعليه تفرع جميع هذه المسائل ، فهو طلاق معلق بصفة ، وهو مجيء الكتاب إليها ، فإن لم يجئها الكتاب لم تطلق فإن تأخر لهلاكه فقد بطلت صفة طلاقها ، فهو غير منتظر سواء كان هلاكه بسبب منها أو من غيره ، وإن تأخر مع بقائه فالصفة باقية ، وتعليق الطلاق بها منتظر لمجيء الكتاب إليها ، لم يخل حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون سليماً ، فالطلاق واقع سواء قرأته أو لم تقرأه ، لأنه علق طلاقها بمجيئه لا بقراءته ، ولو كان كتب إذا جاءك كتاب وقرأتيه لم تطلق لمجيئه حتى