الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص166
عليك كان حراً والولاء له جعل عليه الصلاة والسلام الولاء لمن أعتق كما جعل الله الرجعة لمن طلق واحدة أو اثنتين وطلق ركانة امرأته ألبتة فأحلفه النبي ( ص ) ما أراد إلا واحدة وردها عليه وطلق المطلب بن حنطب امرأته ألبتة فقال عمر رضي الله عنه أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل قال لأمرأته حبلك على غاربك ما أردت ؟ وقال شريح أما الطلاق فسنة فأمضوه وأما ألبتة فبدعة فدينوه ( قال ) ويحتمل طلاق ألبتة يقينا ويحتمل الإبتات الذي ليس بعده شيء ويحتمل واحدة مبينة منه حتى يرتجعها فلما احتملت معاني جعلت إلى قائلها ) .
قال الماوردي : وهذا الكلام يشتمل على فصلين :
أحدهما : أنه إذا طلق امرأته واحدة بائنة كانت رجعية ، ولا تبين بالواحدة ، وإن جعلها بائنة ، كما لا يسقط ولاء العتق ، وإذا شرط سقوطه في العتق .
وقال أبو حنيفة : تكون الواحدة بائنة إذا جعلها بائنة ، وتسقط الرجعة فيها بإسقاطه لها ، وبنى ذلك على أصله ، إذا قال لها : أنت بائن يريد به الطلاق ، أنها تطلق واحدة بائنة ، لا يملك فيها الرجعة ، وقد مضى الكلام معه فيه ، ثم تفسد مذهبه هاهنا من وجهين أيضاً :
أحدهما : أنه لو قال لها : أنت طالق واحدة بائنة ، كانت طالقاً واحدة غير بائنة . والثاني : أنه لو قال لها : أنت طالق واحدة ، لا رجعة لي فيها ، كانت طالقا واحدة له الرجعة ، كذلك في الواحدة والثانية .
والفصل الثاني : في الكناية يشتمل على فصلين :
أحدهما : أن الكناية لا يقع الطلاق بها إلا مع النية ، وإن وقع بالصريح رداً على مالك حيث أوقع الطلاق بالكناية من غير نية ، وعلى من ذهب إلى قول داود : أن الطلاق لا يقع بالصريح من غير نية ، وقد مضى الكلام معهما والفرق بين الصريح والكناية ، في اعتبار النية في الكناية ، دون الصريح من وجهين :
أحدهما : أن الصريح لا يحتمل إلا معنى واحد ، فحمل على موجبه من غير نية ، والكناية تحمل معاني ، فلم تنصرف إلى أحدهما إلا بنية ، ألا ترى أن ما كان من العبادات لا تعقد إلا على وجه واحد ، كأداء الأمانة ، وإزالة النجاسة لم تفتقر إلى نية ، وما كان محتملاً كالصوم لم يصح أن يكون عبادة إلا بالنية .
والثاني : أن الصريح حقيقة والثاني مجاز ، والحقائق يفهم مقصودها بغير قرينة