پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص164

والقسم الثالث : أن تكون النية مقارنة لجميع اللفظ ، فتوجد من أول اللفظ إلى آخره فالطلاق واقع ، باللفظ والنية معاً ، ولا يكون وقوعه بأحدهما ، وإن كان اللفظ هو المغلب لظهوره .

والقسم الرابع : أن توجد النية في بعض اللفظ وتعدم في بعضه ، إما أن توجد في أوله وتعدم في آخره ، أو توجد في آخره ، وتعدم في أوله ، مثل أن يقول لها : أنت بائن ، فينوي عند قوله : أنت با ، بترك النية عند قوله ئن ، أو يترك النية عند قوله : أنت با وينوي عند قوله ئن ، ففي وقوع الطلاق به وجهان لأصحابنا :

أحدهما : لا يقع اللفظ إذا اعتبرت فيه النية ، كان وجودها عند بعضها ، كعدمها في جميعه كالنية في تكبيرة الإحرام .

والوجه الثاني : أن الطلاق واقع ، لأن استصحاب النية في جميع ما يعتبر فيه النية ليس بلازم كالصلاة لا يلزم استصحاب النية في جميعها .

والأصح عندي أن ينظر في النية فإن وجدت في أول اللفظ ، وقع به الطلاق ، وإن عدمت في آخره كالصلاة ، إذا وجدت النية في أولها ، جاز أن تعدم في آخرها ، وإن وجدت النية في آخر اللفظ وعدمت في أوله ، لم يقع له الطلاق ، كالنية في آخر الصلاة ، ولأن النية إذا انعقدت مع أول اللفظ ، كان باقية راجعاً إليها ، وإذا خلت من أوله صار لغواً وكان ما بقي منه مع النية ناقصاً ، فخرج من كنايات الطلاق ، وهذا التفصيل أشبه بنص الشافعي ، لأنه قال : لم يكن طلاقاً حتى يبتدأ ونيته الطلاق ، فاعتبرها في ابتداء اللفظ والله أعلم .

( مسألة : )

قال الشافعي : ( قال ) ولو قال لها أنت حرة يريد بها الطلاق ولأمته أنت طالق يريد العتق لزمه ذلك ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، أما صريح العتق فهو كناية في الطلاق إجماعاً ، فإذا قال الرجل لامرأته ، أنت حرة أو أنت معتقة ، يريد طلاقها ، طلقت ، لأن عتق الأمة إطلاق من حبس الرق ، كما أن طلاق الزوجة إطلاق من حبس النكاح ، فتقارب معناهما ، وأما صريح الطلاق فهو كناية عندنا في العتق ، فإذا قال لأمته أنت طالق ، أو مسرحة أو مفارقة ، يريد عتقها عتقت ، وقال أبو حنيفة : لا تعتق ولا يكون صريح الطلاق كناية في العتق ، وإن كان صريح العتق كناية في الطلاق ، استدلالاً بأن الطلاق يوجب التحريم ، وتحريم الأمة لا يوجب عتقها ، لأنه يملك من تحرم عليه بنسب أو رضاع ، ولا تعتق عليه ، ولا يشبه قوله لزوجته ، أنت حرة فتطلق ، لأن عتق الأمة