پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص162

بالصريح لا تكون بواحدة فهو أنه ليس وقوعها بالواحدة ، وأن يصح ضم ثانية إليها ، كالمختلفة ، وإن كانت تبين بالواحدة يجوز أن يخالفها على اثنتين .

وأما استدلاله بأن لفظ البائن لا يتضمن عدداً ، لأنه لا يحسن أن يقال أنت بائنتان ففاسد بالثلاث ، لأنه لم يتضمن العدد لم تقع الثلاث ، وإذا جاز أن تقع ثلاثاً ، جاز أن تقع ثنتين ولا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثنتين ، كما لا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثلاث .

( فصل : )

وأما الفصل الرابع : وهو إذا نوى بصريح الطلاق ثلاثاً ، فقال : أنت طالق ، ونوى الثلاث كانت ثلاثاً ، ولو نوى اثنتين ، كانت اثنتين فيحمل صريح الطلاق على ما نوى من عدده ، وقال أبو حنيفة : لا يقع بصريح الطلاق إلا واحدة ، ولو قال : أنت طالق ينوي طلقتين أو ثلاثاً لم تقع إلا واحدة ، إلا أن يتلفظ بالعدد نطقاً ، أو يقول أنت طالق ناوياً الثلاث فتطلق ثلاثاً وفرق بين قوله : أنت طالق ينوي ثلاثاً فيطلق واحدة ، وبين قوله : أنت الطلاق وينوي الثلاث ، فيطلق ثلاثاً ، بأن الطلاق مصدر يحتمل العدد ، قال الله تعالى : ( الطلاق مرتان ) .

وقوله : أنت طالق إخبار عن صفة ، لا تحتمل العدد كما لا تحتمل دخول العدد في قولهم أنت قائم وقاعد وراكع وساجد وجعل هذا الفرق بينهما دليلاً .

قال : ولأن الطلاق صريح في الواحد فلم يجز أن يجعل كناية في الثلاث ، لأنه يؤخر إلى أن يكون اللفظ الواحد في الجنس الواحد صريحاً وكناية في حال واحدة وهذا فاسد ودليلنا أن قوله : أنت طالق ، عند أهل العربية اسم فاعل ، لأنهم يقولون طلقت فهي طالق كما قالوا حاضت فهي حائض ، وضربت فهي ضارب ، واسم الفاعل يحتمل العدد ، لأنه يجب أن يفسر بأعداد المصادر ، فيقال : أنت طالق طلقتين ، وأنت طالق ثلاث تطليقات ومائة طلقة وضارب مائة ضربة ، ولو كان الاسم لا يتضمن أعداد مصادره ، فأحسن أن يعتبر به كما لا يحسن أن يقال : أنت ضارب طلقة ، وقائم قعدة . ولذا تضمن العدد بدليل ما ذكرنا ، جاز أن يقع به الثلاث ، كما يقع بقوله : أنت الطلاق .

وتحريره قياساً : أن كل لفظ جاز أن يكون العدد فيه مظهراً ، جاز أن يكون العدد فيه مضمراً ، كالمصدر إذا قال : أنت الطلاق .

ودليل ثان : وهو أنه لو قال : أنت طالق ثلاثاً وقعت الثلاث ، بقوله أنت طالق وكان قوله ثلاثاً تفسير للعدد المضمر فيه ، ألا تراه لو وقال لغير مدخول بها ، أنت طالق