پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص160

والباطنة اعتدي واذهبي والحقي بأهلك ، وحبلك على غاربك ولا حاجة لي فيك وانكحي من شئت واستبرئي وتقنعي وقومي واخرجي وتجرعي ، وذوقي وكلي واشربي واختاري وما أشبه ذلك على ما سنشرحه ، وكلا الأمرين الضربين عندنا سواء ، وحكم الظاهرة والباطنة عندنا واحد . فإن اقترن بالنية وقع به الطلاق وإن تجرد عنها لم يقع .

وقال مالك : الكنايات الظاهرة يقع بها الطلاق الثلاث من غير نية ، فإن نوى بها واحدة كانت في غير المدخول بها ما نوى ، وفي المدخول بها ثلاثا .

وقال أبو حنيفة : جميع الكنايات الظاهرة يقع بها الطلاق ، إذا قارنها أحد ثلاثة أشياء : النية أو الغضب أو طلب الطلاق ، ولكن ما كان ظاهراً وقع بائناً ، وما كان منها باطناً وقع رجعياً ، إلا أن يريد بهما ثلاثاً فتكون ثلاثاً ، ولو أراد اثنتين ، لم تكن إلا واحدة ، ولو أراد بصريح الطلاق ثلاثاً أو اثنتين ، لم تكن إلا واحدة ، وله في كل لفظة مذهب يطول شرحه ، لكن تقريب جملته ما ذكرناه فصار الخلاف معه في أربعة فصول :

أحدهما : أن الغضب والطلب هل يقومان في الكناية مقام النية أم لا ؟ .

والثاني : أن وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة هل يكون بائناً أم لا ؟ .

والثالث : إذا أراد بالكنايات اثنتين هل تكون اثنتين أم لا ؟ .

والرابع : أنه أراد بصريح الطلاق الثلاث هل تكون ثلاثاً أم لا ؟ .

فأما الفصل الأول : في الطلب والغضب فقد مضى الكلام فيهما ، وذكرنا أنه لا تأثير لهما في صريح ولا كناية .

( فصل : )

وأما الفصل الثاني : وهو أن وقوع الطلاق بالكنايات الظاهرة ، هل يكون رجعياً إذا لم يرد به ثلاثاً ، فعندنا يكون رجعياً إن أراد به واحدة أو اثنتين ، أو لم تكن له نية في عدده .

وقال أبو حنيفة : يكون بائناً ، لا يملك فيه الرجعة استدلالاً بأن قوله : أنت بائن لفظ يقتضي البينونة فوجب أن يقع الطلاق به بائناً كالثلاث ، ولأنه لا يخلو أن يعمل هذا اللفظ في وقوع الطلاق ، فيجب أن يقع على مقتضاه ، وإن لم يعمل تجردت النية عن لفظ عامل ، فيجب أن لا يقع به طلاق .

ودليلنا حديث ركانة بن عبد يزيد حين طلق امرأته سهيمة ألبتة ، فسأله النبي ( ص ) عما أراد بألبتة فقال : واحدة فأحلفه عليها ، وردها عليه ، فدل على أنها لا تكون ثلاثاً . فخالف قول مالك وتكون رجعية بخلاف قول أبي حنيفة ، وروي أن المطلب بن حنطب