الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص159
فمنعت منه بعد الزوجية والزوج غير ممنوع منه في حال الزوجية ، فلم يكن ممنوعاً منه بعد الزوجية .
وأما الاستدلال بقوله لعبده : أنا حر منك ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون كناية عن عتقه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : يكون كناية في عتقه ، يعتق به إذا نواه ، فعلى هذا يسقط الاستدلال به .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا يكون كناية ، ولا يعتق به ، فعلى هذا الفرق بينهما ، أن العتق إنما هو إزالة الرق ، والرق يختص بالعبد دون السيد فلم يصح العتق إلا أن يتوجه اللفظ إلى العبد دون السيد ، وليس كذلك الطلاق ، لأنه رفع الزوجية التي قد اشترك فيها الزوجان ، فجاز أن تقع الفرقة بوقوعها على الزوجين .
وأما استدلاله بأن الطلاق هو إطلاق من الحبس ، وهذا مختص بالزوجة دون الزوج ففيه جوابان :
أحدهما : أن الطلاق هو الإطلاق من عقد النكاح والعقد متعلق بهما فجاز أن يكون الطلاق واقعاً عليها .
والثاني : أنه وإن كان إطلاقاً من حبس ، فهو محبوس بها عن نكاح أختها ، وخالتها وعمتها وعن نكاح أربع سواها ، كما كانت محبوسة عن غيره فجاز أن يقع الطلاق عليه ، لينطلق من حبس هذا التحريم كما وقع عليها ، فانطلقت من حبس التحريم والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الألفاظ التي يخاطب بها الرجل زوجته في الطلاق تنقسم إلى ثلاثة أقسام صريح وكناية وما ليس بصريح ولا كناية ، فأما صريح فقد ذكرنا أنه ثلاثة ألفاظ : الطلاق ، والفراق ، والسراح ، ومعنى الصريح انه لا يفتقر في وقوعه إلى نية ، وأما الكناية فهو الذي لا يقع الطلاق به إلا مع النية ، وهو كل لفظ دل على المباعدة .
وقال الشافعي في كتاب ( الرجعة ) : كل ما يشبه الطلاق فهو كناية ، والكنايات ضربان : ظاهرة وباطنة ، فالظاهرة ستة ألفاظ ، بتة وخلية وبرية وباين وبتلة وحرام .