الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص152
بفك رقبة ، فخرج مخرج الخبر عن صفة مقتحمها ، ولم يخرج مخرج الأمر فيصير بذلك معتقاً لها .
والسؤال الثالث : أن السراح لو كان صريحاً كالطلاق ، لما سئل رسول الله ( ص ) عند نزول قوله تعالى : ( الطلاق مرتان ) عن الثالثة حتى بين فقال : ( أو تسريح بإحسان ) ولكان السائل يعلم أنه صريح فيستغني عن السؤال .
فالجواب عنه : أن صريح الطلاق وكنايته من الأحكام الشرعية التي تخفى عن أهل اللغة فسأله ليعلم صريح الشرع دون اللغة ، وذلك مما لا يستغنى عنه أحد .
والسؤال الرابع : أن الطلاق إنما كان صريحاً ، لأن القرآن ورد به ، ولكن لأنه لا يستعمل في غير الفرقة ، لذلك صار صريحاً ، والفراق والسراح قد يستعملان في غير الفرقة فكانا كناية .
قيل : قد يستعمل الطلاق في غير الفرقة ، فيقال : فلان قد طلق الدنيا ، إذا زهد فيها وطلقت فلاناً من وثاقه ، وقد داعب الشافعي بعض إخوانه فقال .
فما أنكر ذلك حد من أهل اللغة ، فلما لم يمنع من استعمال الطلاق في غيره أن يكون صريحاً فيه ، كذلك الفراق والسراح .
والسؤال الخامس : أن الطلاق كان صريحاً لكثرة استعماله ، والفراق والسراح يقل استعمالهما فكانا كناية ، قيل : الصريح حكم شرعي فاقتضى أن يراعى فيه عرف الشرع لا عرف الاستعمال ، وهما في عرف الشرع كالطلاق ، وإن خالفاه في عرف الاستعمال . وقياس ثان : وهو أن إزالة الملك إذا سرى لم يقف صريحه على لفظ واحد كالعتق . وقياس ثالث : وهو أن الطلاق أحد طرفي النكاح ، فوجب أن يزيد صريحه على لفظه واحدة كالعقد ، وقياس رابع : وهو أن كل لفظ لا يفتقر في الطلاق عند الغضب والطلب إلى نية الطلاق كان صريحاً فيه كالطلاق ، وقياس خامس : أنه أحد نوعي الطلاق فلم يقف على لفظة واحدة ، كالكناية لأن الطلاق صريح وكناية .
فأما الجواب عن قياسهم فقد مضى في أجوبة الأسئلة ثم المعنى في الأصل أنه لم يرد به القرآن والله أعلم .
قال الماوردي : إذا ثبت ما دللنا عليه ، أن صريح الطلاق ثلاثة ألفاظ ، الطلاق