پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج10-ص151

في الطلاق ، قياساً على قوله أنت علي حرام ، وقد تعارف الناس استعمال الفراق والسراح في غير الطلاق ، فلم يكن صريحاً في الطلاق .

ودليلنا هو : أن كل لفظ ورد به القرآن قصد الفرقة بين الأزواج كان صريحاً فيها كالطلاق ، وقد ورد القرآن بهذه الألفاظ الثلاثة . أما الطلاق فبقوله : ( الطلاق مرتان ) [ البقرة : 229 ] . وبقوله : ( إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] . وغير ذلك .

وأما السراح فبقوله تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) وقال : ( فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً ) [ الأحزاب : 28 ] . وأما الفراق فبقوله : ( فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ) [ الطلاق : 2 ] . اعترضوا على هذه الدلالة ، وهي دلالة الشافعي بخمسة أسئلة :

أحدها : أن قالوا : هذا منتقض بالفدية ، قد ورد بها القرآن في الفرقة بقوله : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة : 229 ] . وليس بصريح في الطلاق فعنه جوابان :

أحدهما : أن الفدية لفظ صريح في حكمه أنه فسخ أو طلاق على أحد القولين .

والثاني : أن مقصود الفدية استباحة مالها به ، بعد أن كان محظوراً قبله بقوله : ( وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [ النساء : 20 ] . فنسخ بقوله : ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) [ البقرة : 229 ] .

والسؤال الثاني : أن قالوا : الكناية قد ورد بها القرآن في العتق بقوله : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً ) [ النور : 33 ] . والفك قد ورد به القرآن في العتق بقوله : ( وما أدراك ما العقبة فك رقبة ) [ البلد : 12 ، 13 ] . وليس الكناية والفك من صريح العتق وكذلك السراح والفراق جاز وإن ورد بهما القرآن أو لا يكون من صريح الطلاق ، فعنه جوابان .

أحدهما : ليس يلزم إذا كان ما ورد به القرآن في الطلاق صريحاً ، أن يكون ما ورد به القرآن في الطلاق صريحاً ولا يكون افتراقهما فيه مانعاً من أن يختص كل واحد منهما بحكمه .

والثاني : أن الكناية المراد بها العقد المكتوب بين السيد وعبده دون العتق وهي صريح فيه ، وأما فك الرقبة ، فلنزول ذلك سبب ، وهو أن أبا الأشد ابن المحيي كان ذا قوة يدل بها فأنزل الله تعالى فيه : ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) إلى قوله : ( فلا اقتحم العقبة ) [ البلد : 11 ] . أي أنه وإن ذل بقوته فليس يقدر على اقتحام العقبة ، إلا